حكم الفتح على الإمام لتصحيح القراءة أثناء الصلاة.. الإفتاء توضح

أوضحت دار الإفتاء أن مسألة رد الإمام أو الفتح عليه لتصحيح القراءة أثناء الصلاة من القضايا التي قد تثير جدلًا داخل المساجد، نظرًا لما قد ينشأ عنها من ضوضاء أو خلاف بين المصلين. وأكدت الفتوى أن الأصل في الصلاة هو الخشوع والسكينة، وأن تنبيه الإمام على خطئه في القراءة يجب أن يكون وفق ضوابط دقيقة تحفظ قدسية الصلاة وانتظامها.
الأصل في الخشوع ومنع الكلام في الصلاة
جعل الإسلام الخشوع روح الصلاة وأساسها، فقال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾. ولهذا حُرّم الكلام في الصلاة إلا لضرورة، وجُعل تنبيه الإمام في أضيق الحدود، حيث ورد أن الرجال يسبحون والنساء يصفقن عند الحاجة، أما إصلاح خطأ القراءة فبابه الفتح على الإمام.
معنى الفتح وشروطه
الفتح، كما عرّفه الفقهاء، هو تلقين الإمام الآية عند التوقف فيها. وهو لا يكون إلا إذا وقف الإمام طلبًا للتلقين أو أُرتج عليه، أي عجز عن إتمام القراءة. وعليه فلا يجوز للمأموم أن يبادر بالرد أو يقاطع الإمام قبل أن يسكت أو يطلب ذلك. ويزداد الأمر تأكيدًا في غير الفاتحة، أما الفاتحة فالفتح فيها واجب لأنها ركن من أركان الصلاة عند جمهور العلماء.
الأحاديث بين المنع والجواز
جاءت نصوص في السنة النبوية تُظهر مشروعية الفتح، منها قول النبي ﷺ عندما نُبِّه على ترك آية: «هَلَّا ذَكَّرْتَنِيهَا». وفي المقابل ورد النهي في أحاديث أخرى مثل قول النبي ﷺ لعليّ رضي الله عنه: «لاَ تَفْتَحْ عَلَى الإِمَامِ فِي الصَّلاَةِ». وقد جمع العلماء بين هذه النصوص بأن المنع يُقصد به الاستعجال والمقاطعة قبل الحاجة، أما المشروعية فمقصودها إذا وقف الإمام أو طلب المساعدة.
ضوابط الفقهاء في المذاهب
اتفقت المذاهب على أن الفتح لا يكون إلا عند الحاجة:
الحنفية: يكرهون تعجيل المأموم بالفتح على الإمام ما دام يقرأ، ولا يفتح عليه إلا إذا استوقف، محذرين من أن يتحول الأمر إلى تشويش يفسد الخشوع.
المالكية والشافعية: لا يفتح على الإمام إلا إذا استفتح، ولا يُلقن أثناء تردده حتى يسكت طلبًا للتلقين. كما شددوا على مراعاة حال الإمام، فإن كان يُدهش من التصحيح ترك حتى لا يضطرب.
الحنابلة: أجازوا الفتح إذا ارتج على الإمام أو وقع في خطأ ظاهر في قراءة السورة، بشرط أن يكون التصحيح هادئًا لا يسبب اضطرابًا.
مراعاة المصلحة ودرء المفسدة
أكدت الفتوى أن درء المفسدة مقدم على جلب المصلحة، فإذا كان رد المأموم على الإمام سيؤدي إلى اضطراب الإمام أو حدوث ضوضاء بين المصلين، فالأولى ترك التصحيح أثناء الصلاة، وتنبيه الإمام بعدها بهدوء وأدب. أما إذا تعلق الأمر بخطأ جوهري، مثل تبديل آية رحمة بآية عذاب أو خطأ في الفاتحة يخل بصحة الصلاة، فيُشرع الفتح حينئذ.