محمد قطب: بعض الدول العربية اختارت مسارًا مباشرًا يتمثل بحجب المواقع الضارة

قال المحامي محمد قطب، المتخصص في قضايا الأموال العامة، إن منصة "تيك توك" لا تختلف كثيرًا عن غيرها من منصات التكنولوجيا الحديثة، إذ يمكن أن تتحول إلى وسيلة لنشر العلم والمعرفة من خلال محتوى تعليمي أو ديني أو طبي هادف، كما يمكن أن تنزلق لتصبح بيئة خصبة لممارسات غير أخلاقية تسيء إلى المجتمع.
وأوضح محمد قطب، خلال حواره في برنامج "أهل مصر" المذاع على قناة "أزهري"، أن هذا التناقض يستدعي تدخلًا قانونيًا متوازنًا، يضمن الاستفادة من الجانب الإيجابي للتكنولوجيا، مع فرض الرقابة الصارمة على الممارسات التي تتعارض مع القيم والأخلاق العامة.
مصر ومسار ملاحقة المخالفين
وأشار محمد قطب إلى أن بعض الدول العربية اختارت مسارًا مباشرًا يتمثل في حجب المواقع الضارة أو الإباحية بشكل كامل، بينما سلكت مصر طريقًا مختلفًا يقوم على ملاحقة الأشخاص المسيئين لاستخدام التطبيقات.
وأوضح محمد قطب أن السلطات المصرية تركز على محاسبة من ينشرون محتوى مخلًا بالآداب أو يستخدمون ألفاظًا خادشة أو يروجون لأفعال منافية للقيم، وهو ما أدى في النهاية إلى تشويه صورة المنصة لدى الرأي العام، حتى أصبحت تُربط أكثر بالممارسات السلبية منها بالأنشطة المفيدة.
الربح السريع وتغيير الطموحات
وبيّن محمد قطب أن شريحة واسعة من الشباب انجذبت إلى "تيك توك" باعتباره طريقًا سريعًا للشهرة والربح، ما دفع بعضهم إلى التخلي عن طموحات مهنية تقليدية مثل الطب أو الهندسة، والاكتفاء بالظهور كمؤثرين رقميين.
وحذر محمد قطب من أن هذه الظاهرة تحمل في طياتها تحولًا ثقافيًا خطيرًا، إذ تضعف قيمة العمل والاجتهاد العلمي مقابل البحث عن الشهرة السريعة والمكاسب السهلة، ما يهدد المنظومة القيمية في المجتمع على المدى البعيد.
الجوانب القانونية للاتهامات
وفيما يتعلق بالجانب القانوني، شدد محمد قطب على أن اتهامات غسل الأموال لا يجب أن توجه جزافًا أو بناء على مؤشرات سطحية، بل تستند إلى إثبات دقيق لمصدر الأموال غير المشروع.
وأوضح محمد قطب أن الإجراءات تبدأ بمحضر تحريات يكشف مسار الأموال، ثم تُرفع القضية إلى النيابة العامة، التي قد تصدر قرارًا بالتحفظ المؤقت على الأموال لمدة سبعة أيام، ليُعرض بعدها الأمر على المحكمة الاقتصادية، التي تقرر إما التأييد أو الرفض.
تجاوزات في قرارات التحفظ
وأكد محمد قطب أن ما يحدث عمليًا في بعض الحالات يتجاوز حدود العدالة، حيث يتم التحفظ على كافة أموال المتهم، سواء تلك المكتسبة قبل الواقعة أو بعدها، وهو ما يعد انتهاكًا لقاعدة "المتهم بريء حتى تثبت إدانته".
وأشار محمد قطب إلى أن هذا النهج قد يؤدي إلى أضرار جسيمة تلحق بالأفراد وأسرهم، حتى قبل صدور حكم قضائي نهائي، داعيًا إلى إيجاد صيغة أكثر عدالة تحقق التوازن بين حماية المجتمع من الجرائم الإلكترونية وضمان حقوق المواطنين.

التوعية المجتمعية هي الحل
وختم محمد قطب حديثه بالتأكيد على أن الحل الجذري لمشكلات "تيك توك" والمنصات المشابهة لا يكمن فقط في التشريعات والعقوبات، وإنما في تطوير الوعي المجتمعي لدى المستخدمين.
وشدد محمد قطب على أن تقديم محتوى إيجابي قادر على المنافسة يمثل السلاح الأقوى لمواجهة المحتوى المبتذل، موضحًا أن تفعيل دور المؤسسات التعليمية والإعلامية والثقافية سيكون له أثر كبير في إعادة التوازن، ومنع المنصات من التحول إلى أداة لهدم القيم وتزييف وعي الشباب.