الوقاية هي السلاح.. كيف تحمي نفسك من الفيروسات القاتلة؟

يعتبر سرطان الكبد من أخطر الأورام وأكثرها شراسة على مستوى العالم، إذ غالبًا ما يتم اكتشافه في مراحل متأخرة تجعل العلاج معقدًا وصعبًا للغاية، مع انخفاض معدلات البقاء على قيد الحياة بشكل مأساوي، وفي قلب هذه الأزمة الصحية يقف خصمان صامتان يشكلان التهديد الأكبر للكبد “التهاب الكبد الوبائي B والتهاب الكبد الوبائي C”، واللذان يُعدان السبب الرئيسي لمعظم حالات سرطان الكبد حول العالم.
عدوى صامتة بعواقب وخيمة
تؤكد ليودميلا ميخاليفا، مديرة معهد بحوث مورفولوجيا الإنسان، أن الإصابة بفيروس التهاب الكبد B قد تزيد من احتمالية الإصابة بسرطان الكبد بمعدل يصل إلى 100 ضعف.

وتشير إلى أن هذه الفيروسات تهاجم الكبد بشكل مزمن وصامت على مدار سنوات، مسببة التهابات طويلة الأمد تتطور تدريجيًا إلى تليف الكبد، وهو أخطر المراحل التي تمهّد الطريق لظهور الأورام الخبيثة، خاصة سرطان الخلايا الكبدية، الأكثر شيوعًا وانتشارًا.
من الالتهاب إلى التليف
تكمن خطورة هذه الفيروسات في قدرتها على إحداث تلف مستمر في أنسجة الكبد، ومع مرور الوقت، يؤدي الالتهاب المزمن إلى ندوب ليفية تستبدل الأنسجة السليمة، فتظهر حالة تليف الكبد، هذه المرحلة لا تعيق وظائف الكبد الحيوية فقط، بل تخلق أيضًا بيئة خصبة لحدوث طفرات جينية تؤدي إلى نمو سرطاني متسارع يخرج عن السيطرة.
أخطر يتضاعف مئات المرات
تشير الإحصاءات إلى أن الخطر يقفز بشكل كبيرعند الإصابة بتليف الكبد؛ حيث يزيد احتمال الإصابة بسرطان الكبد لدى مرضى التهاب الكبد B مع التليف إلى 1000 مرة مقارنة بالأصحاء.

أما فيروس التهاب الكبد C، الذي ينتقل غالبًا عبر الدم الملوث، فيرفع الخطر بمقدار 20 مرة، وتصبح الكارثة أكثر حدة عند العدوى المزدوجة بالفيروسين B وC، حيث يصل الخطر إلى 165 مرة، ما يضع المريض في مواجهة مباشرة مع خطر الموت.
السرطان في مشهد عالمي قاتم
عالميًا، تُعزى أكثر من ثلثي حالات سرطان الكبد إلى الفيروسين B وC، وتصف ميخاليفا المرض بأنه من أشد الأورام فتكًا، إذ يعيش معظم المرضى الذين لا يتلقون علاجًا ما بين شهرين إلى ستة أشهر فقط من تاريخ التشخيص. أما نسب البقاء على قيد الحياة لمدة خمس سنوات فهي ضئيلة للغاية، ما يعكس القسوة الحقيقية لهذا المرض.
الوقاية والعلاج
أمام هذه الأرقام المفزعة، تصبح الوقاية هي السلاح الأهم. ويشدد الأطباء والخبراء على ضرورة:

- التطعيم ضد التهاب الكبد B منذ الطفولة.
- الفحوصات الدورية للأشخاص الأكثر عرضة للإصابة.
- العلاجات المضادة للفيروسات، التي يمكنها السيطرة على العدوى والحد من تطورها إلى تليف أو سرطان.
هذه الاستراتيجيات تمثل أملًا حقيقيًا في مواجهة الفيروسات القاتلة ومنعها من فتح الطريق أمام سرطان الكبد، الذي ما يزال يمثل تهديدًا كبيرًا للصحة العامة على مستوى العالم.