بين صناعة التريند والحفاظ على الذوق العام.. الفن في مواجهة السوشيال ميديا

تحولت منصات السوشيال ميديا خلال السنوات الأخيرة إلى منصات بديلة للفن والثقافة، حيث يصعد منها محتوى فني وترفيهي ليحصد ملايين المشاهدات ويؤثر في الذوق العام بشكل مباشر وسريع، ويرى البعض في ذلك مساحة ديمقراطية لظهور مواهب جديدة، يحذر آخرون من خطورة الظاهرة على القيم والسلوكيات، معتبرين أن الانتشار السريع لا يساوي بالضرورة الجودة الفنية.
من الأفلام التي ناقشت هوس الشهرة إلى المسلسلات التي كشفت زيف العالم الافتراضي وتداعياته على الأسرة، يستعرض "نيوز روم" أبرز الأعمال الدرامية التي سلطت الضوء على سلبيات السوشيال ميديا، وما أثارته من نقاش نقدي حولها.
"ريستارت".. ترند على حساب المشاعر

جاء فيلم ريستارت ليعكس أزمة العلاقات في زمن الترند، حيث يتحول السعي وراء الشهرة عبر الإنترنت إلى شرط للحب والارتباط، تدور القصة حول "محمد" فني الهواتف الذي يحلم بالزواج من "عفاف" المؤثرة الطموحة، لكن ضغوط الحياة تدفعهما مع عائلتيهما إلى البحث عن الشهرة الرقمية بأي ثمن.
الفيلم من بطولة تامر حسني وهنا الزاهد، وبمشاركة باسم سمرة، محمد ثروت، عصام السقا، وعدد من النجوم، تأليف أيمن بهجت قمر وإخراج سارة وفيق.
"ورا كل باب".. الانفصال الأسري تحت عدسة الدراما

في إطار سلسلة ورا كل باب، جاءت حكايتي "عائلة جيجي" و"كدبة كبيرة" لتتناولا التأثير الخفي لوسائل التواصل على الروابط الأسرية.
الحلقات سلطت الضوء على كيف أصبح الهوس بالسوشيال ميديا سببًا للانفصال الاجتماعي داخل البيت، وكيف تحول بعض البلوجرز إلى قدوة للشباب رغم اعتمادهم على التزييف وبيع الوهم.
"أعلى نسبة مشاهدة".. فخ التيك توك

مستوحى من قصة حقيقية، قدم مسلسل أعلى نسبة مشاهدة رحلة فتاتين مراهقتين (ليلى أحمد زاهر وسلمى أبو ضيف) انجرفتا وراء إغراءات "التيك توك" بحثًا عن المال والنجومية، لكن سرعان ما انتهت محاولاتهما خلف القضبان.
انتشار الظواهر الفنية عبر السوشيال ميديا
تفرض خوارزميات السوشيال ميديا أنماطًا محددة من المحتوى على الجمهور، ما يجعل أغنية أو فيديو بسيط يتحول إلى تريند عالمي في ساعات قليلة وذلك يتوفق علي مدي تنفيذ الخواريزمات، هذا التحول غير المسبوق غيّر موازين الفن والإبداع، فلم يعد الجمهور ينتظر موسمًا سينمائيًا أو غنائيًا، بل بات خلف مقطع قصير يحقق ملايين المشاهدات.
الإيجابيات والسلبيات
رغم التحذيرات، يرى البعض أن السوشيال ميديا منحت الفرصة لمواهب لم يكن لها أن تجد مساحة في ظل احتكار المؤسسات التقليدية، لكنها في المقابل، خلقت مناخًا قائمًا على الاستعراض والانتشار السريع، أحيانًا على حساب القيمة الفنية.
ماجدة موريس: السوشيال ميديا قضت على السلام الإنساني.. والفن مطالب بمواجهتها بجدية
الناقدة الفنية ماجدة موريس، أكدت أن ظاهرة مشاهير السوشيال ميديا تنامت بسرعة شديدة، وأصبحت تهدد القيم والسلوكيات في المجتمع، مشيرة إلى أن كثيرًا من هؤلاء يقدمون محتوى يفتقر إلى اللياقة والثقافة والفكرة الواضحة، وهو ما ساهم في "القضاء على السلام الإنساني وسلام العقول" لدى فئات واسعة.
وأوضحت موريس في تصريح خاص لـ"نيوز روم"، أن الفن لم يقم بدور استباقي في التحذير من هذه الظاهرة، بل تناولها بعد انتشارها، وفي الغالب عبر لمحات عابرة في بعض الأعمال الدرامية والسينمائية، مثل فيلم "بيت الروبي" الذي عرض جانبًا محدودًا من القضية.
وطالبت موريس صناع السينما والدراما بدراسة الظاهرة بعمق وتقديم أعمال فنية تضعها في بؤرة الضوء بشكل كامل، مؤكدة أن السينما قادرة على معالجة القضية في إطار مكثف ومؤثر خلال ساعتين، خلافًا للدراما الطويلة التي قد تصيب المشاهد بالملل.
واقترحت موريس أن تطلق جهات مثل المجلس الأعلى للإعلام أو الشركة المتحدة مسابقة لأفضل نص فني يعالج تأثير السوشيال ميديا على المجتمع والأسرة، على أن يتم إنتاجه بأعلى مستوى من الجودة في السيناريو والحوار والبناء الدرامي، ليحقق التأثير المنشود ويعيد التماسك الاجتماعي المهدد بالتفكك.