عاجل

طارق البرديسي: القمة الأمريكية الروسية لحظة فارقة في المشهد العالمي|فيديو

بوتين وترامب
بوتين وترامب

أكد الخبير في العلاقات الدولية طارق البرديسي أن القمة الأمريكية الروسية الأخيرة تمثل لحظة فارقة في المشهد العالمي، نظرًا لأنها جاءت في توقيت يشهد توترات غير مسبوقة على الساحة الدولية. فالعالم يقف على مفترق طرق تتداخل فيه الأزمات الأمنية والاقتصادية والسياسية، من الحرب الأوكرانية إلى الملفات النووية، مرورًا بالصراعات الإقليمية المتعددة.

وأشار البرديسي خلال مداخلة عبر فضائية" اكسترا نيوز "، إلى أن اللقاء لم يكن بروتوكوليًا فحسب، بل عكس إدراك واشنطن وموسكو لضرورة التفاهم ولو في الحد الأدنى، بهدف تجنّب انزلاق الأوضاع نحو مزيد من المواجهات المباشرة، خاصة أن الطرفين يمتلكان ترسانتين نوويتين قادرتين على التأثير في مستقبل البشرية بأكملها.

أوكرانيا الملف الأكثر سخونة

وشدد البرديسي على أن الأزمة الأوكرانية كانت في صدارة جدول الأعمال، إذ تحولت إلى نقطة اختبار حقيقية للعلاقات بين القطبين، فروسيا ترى أن أوكرانيا تمثل خطًا أحمر يتعلق بأمنها القومي، بينما تعتبرها الولايات المتحدة خط دفاع أول عن أوروبا ونفوذها في القارة العجوز.

وأوضح أن نتائج القمة قد تسهم في فتح مسارات للحوار حول ترتيبات أمنية جديدة، وربما صياغة تفاهمات تتيح التهدئة الميدانية لكنّه لفت إلى أن أي اتفاق سيظل هشًا ما لم يترافق مع ضمانات فعلية تحقق الحد الأدنى من مصالح الطرفين وتوازن القوى في شرق أوروبا.

الملف النووي وأمن الطاقة

وتناولت القمة أيضًا، بحسب البرديسي، ملف الانتشار النووي وأمن الطاقة العالمي. فواشنطن تدرك أن أي تصعيد غير محسوب قد يدفع موسكو إلى توسيع استخدام أوراق الضغط، ومنها الورقة النووية أو التحكم في صادرات الغاز والنفط، وهو ما قد يهدد استقرار الأسواق العالمية.

وأضاف أن الحوار بين الجانبين يهدف إلى منع تكرار أزمات شبيهة بما شهده العالم في فترات الحرب الباردة فالمعادلة الآن أكثر تعقيدًا بسبب انخراط أطراف دولية أخرى مثل الصين وإيران، ما يجعل أي تفاهم ثنائي بين واشنطن وموسكو خطوة ضرورية ولكن غير كافية لضبط التوازنات.

انعكاسات على الشرق الأوسط

أوضح البرديسي أن تأثير نتائج القمة لن يقتصر على أوروبا فقط، بل سيمتد إلى ملفات الشرق الأوسط. فروسيا لاعب أساسي في سوريا، ولها علاقات متنامية مع إيران، بينما تظل الولايات المتحدة الضامن الأول لأمن إسرائيل والداعم الأكبر لبعض الأنظمة العربية.

وأشار إلى أن أي تفاهم بين القطبين قد ينعكس على موازين القوى في المنطقة، سواء عبر تهدئة النزاعات القائمة أو من خلال فتح قنوات للحوار بشأن الأزمات المزمنة مثل الملف السوري أو الاتفاق النووي الإيراني.

الاقتصاد العالمي تحت المجهر

وأكد البرديسي أن انعكاسات القمة ستكون واضحة على الاقتصاد العالمي، إذ أن استمرار التوتر بين واشنطن وموسكو يعني مزيدًا من الاضطرابات في سلاسل الإمداد، وارتفاع أسعار الطاقة والقمح والمعادن. أما في حال التوصل إلى تفاهمات، فقد يشهد الاقتصاد العالمي انفراجة ولو مؤقتة، تسهم في تقليل الضغوط التضخمية التي تعاني منها معظم الدول.

كما بيّن أن القمة أوضحت إدراك الطرفين بأن الحرب الاقتصادية ليست أقل خطورة من الحرب العسكرية، وأن الاستقرار المالي والتجاري شرط أساسي لاستمرار النفوذ السياسي.

مستقبل النظام الدولي

واختتم البرديسي تحليله بالإشارة إلى أن القمة قد تكون بداية لإعادة تشكيل النظام الدولي، فالعالم يتجه نحو تعددية قطبية تتقاسم فيها الولايات المتحدة وروسيا والصين أدوارًا محورية، ونجاح القمة أو فشلها سيحدد ما إذا كنا مقبلين على مرحلة جديدة من التعاون الحذر، أم على تصعيد يعيد العالم إلى أجواء الحرب الباردة.

وأكد أن مخرجات اللقاء تمثل رسالة بأن الحوار لا يزال ممكنًا رغم عمق الخلافات، وأن المصالح المشتركة بين القوى الكبرى قد تفرض على الجميع البحث عن حلول وسط، حفاظًا على استقرار النظام العالمي ومنع انزلاقه نحو فوضى شاملة.

تم نسخ الرابط