عاجل

الصين تراقب قمة ألاسكا.. كيف تنظر بكين إلى لقاء ترامب وبوتين

قمة ألاسكا والصين
قمة ألاسكا والصين

بينما تتجه أنظار العالم نحو قمة ألاسكا بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تتابع الصين مجريات اللقاء بحذر واهتمام بالغ، في ظل توازنات دولية حساسة ومصالح استراتيجية متشابكة، وفق تقرير نشرته مجلة ناشيونال إنترست.

وتأمل الصين في أن يساهم الاجتماع في تثبيت الوضع في أوكرانيا دون التوصل إلى حل نهائي ينهي الصراع تمامًا، وتحديدًا عبر "تجميد" خطوط المواجهة، وهو ما يسمح لبكين بالإبقاء على موسكو كلاعب قوي في وجه الولايات المتحدة، دون أن تُدفع هي نفسها نحو مواجهة مباشرة مع الغرب.

منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، تبنت الصين موقفًا حذرًا وحياديًا في العلن، معلنة احترام السيادة ووحدة الأراضي، بينما حافظت على شراكة استراتيجية وثيقة مع روسيا، بما في ذلك دعم تقني ومادي غير مباشر.

قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين
قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين

ثلاثة أهداف رئيسية لبكين

بحسب "ناشيونال إنترست"، يرتكز الموقف الصيني على ثلاثة محاور أساسية على النحو التالي:

  • الحفاظ على روسيا كقوة موازية: تعتبر موسكو شريكًا لا غنى عنه للصين في مشروع إعادة تشكيل النظام الدولي. كما تعتمد بكين على روسيا كمصدر طاقة ومواد خام بأسعار تفضيلية.
  • إضعاف النفوذ الأمريكي دون تصعيد مباشر: عبر دعم روايات سياسية تعزو أسباب الحرب للغرب، تسعى الصين لإحراج الولايات المتحدة من دون الاشتباك معها عسكريًا.
  • توسيع النفوذ في أوروبا: من خلال تقديم نفسها كوسيط متوازن ومنفتح على إعادة الإعمار الأوكراني، تحاول الصين تعزيز مكانتها الاقتصادية والدبلوماسية داخل القارة الأوروبية.

السيناريو المفضل: تجميد الصراع لا حله

ترى بكين أن أفضل نتيجة ممكنة من قمة ألاسكا هي اتفاق يكرّس الأمر الواقع، أي بقاء الأراضي التي تسيطر عليها روسيا دون أن تضطر موسكو لتقديم تنازلات كبيرة، مقابل تخفيف الضغوط والعقوبات فمثل هذا السيناريو يسمح باستمرار التعاون الصيني-الروسي، ويمنح بكين مساحة أوسع للمناورة اقتصاديًا واستراتيجيًا.

المخاوف الصينية من فقرات الاتفاق

لكن الصين تخشى أيضًا أن تشمل مخرجات القمة إجراءات تضيق الخناق عليها، لا سيما من خلال فرض عقوبات ثانوية على البنوك والشركات الصينية المتعاملة مع روسيا، أو فرض قيود جديدة على تصدير التكنولوجيا الحساسة مثل أشباه الموصلات والطائرات بدون طيار.

وهذه الإجراءات، إن حدثت، قد تضع الصين أمام خيار صعب: إما دعم موسكو، أو حماية مصالحها الصناعية والتجارية الحيوية، خاصة إذا وافقت الدول الأوروبية على هذه القيود.

استراتيجيات الصين لمواجهة السيناريوهات الصعبة

تحضّر بكين نفسها لاحتمالات التصعيد عبر تقوية آليات التسويات المالية البديلة مثل استخدام اليوان والروبل، بالإضافة إلى بناء شبكات لوجستية ومصرفية مقاومة للعقوبات.

وفي الكواليس، من المرجح أن يضغط الرئيس الصيني شي جين بينغ على بوتين للحد من أي لهجة تصعيدية، خصوصًا في ما يتعلق بالتهديدات النووية، مقابل حثه على قبول هدنة تُخفف من عزلة روسيا الدولية، دون أن تمس الشراكة العميقة مع الصين.

كيف ستتفاعل أوروبا؟

بحسب المجلة، فإن رد الفعل الأوروبي سيكون حاسمًا. فإذا رأى الاتحاد الأوروبي أن وقف إطلاق النار فرصة لتقليل المخاطر مع الصين، فقد يعزز هذا التعاون التجاري والتكنولوجي بين الطرفين. 

أما إذا اعتُبر أن بكين استفادت من العدوان الروسي، فقد يدفع الأوروبيون باتجاه تشديد القيود على صادرات التكنولوجيا نحو الصين، ومزيد من التنسيق مع الولايات المتحدة.

في كل الأحوال، ستسعى بكين لتحقيق مكاسب استراتيجية، مثل تخفيف العقوبات، وتقليل فرص التصعيد، وتعزيز فرص التعاون في ملفات مثل الطاقة الخضراء وإعادة الإعمار.

بكين.. بين الامتثال والتحدي

أكبر ما تخشاه الصين، وفق ناشيونال إنترست، هو أن يتم استهدافها مباشرة في الاتفاق، عبر لغة تُحمّلها مسؤولية غير مباشرة عن إطالة أمد الحرب أو استفادة اقتصادية من تبعاتها، مما سيعرضها لعقوبات تكنولوجية أمريكية جديدة.

في هذا السيناريو، يُرجح أن تلجأ بكين إلى الامتثال الرمزي للضغوط الغربية، مقابل تعزيز التعاون السري مع موسكو وتوسيع نفوذها في دول الجنوب العالمي، خاصة من خلال مشاريع البنية التحتية ومبادرة الحزام والطريق.

تم نسخ الرابط