عاجل

المشقة تجلب التيسير.. عالمة أزهرية: مظاهر رفع الحرج في الشريعة جلية واضحة

الدكتورة فتحية الحنفي
الدكتورة فتحية الحنفي

قالت الدكتورة فتحية الحنفي الأستاذ بجامعة الأزهر والخبيرة بمجمع الفقه الإسلامي بكندا، إن رفع الحرج من سمات الشريعة الإسلامية.

رفع الحرج من سمات الشريعة الإسلامية

واستدلت بقول الله تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾، وقال سبحانه: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ﴾، وقال جل شأنه: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾. وقال ﷺ: «بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ»، وما خُيِّر ﷺ بين أمرين إلا اختار أيسرهما.

وأوضحت الأستاذ بجامعة الأزهر أن المتتبع لأحكام شريعتنا الغرّاء يجد مظاهر رفع الحرج جلية واضحة، ويرى أن جميع التكاليف في ابتدائها ودوامها قد روعي فيها التخفيف والتيسير على العباد، مشيرة إلى أن أداء الصلاة لغير القادر على القيام قد رُخِّص له أن يؤديها وهو قاعد، وكذلك الصيام مع كونه فرضًا على كل مكلَّف قادر، فقد رُخِّص الفطر في رمضان للمريض والمسافر، وللحامل والمرضع.

وشددت: من هنا نجد أن التكاليف الشرعية ليس فيها شيء من الحرج والمشقة التي تستنفد الجهود وتضيق بها الصدور، أو تؤثر على المرء في جسده وماله، أو تؤدي به إلى الانقطاع عن كثير من الأعمال النافعة. فهذه هي المشقة التي تفضل الله على عباده فرفعها عنهم تيسيرًا وتسهيلاً، ولذا كانت القاعدة الفقهية: «المشقة تجلب التيسير».

الحلال له مورد وله مصرف

بين الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، قول ربنا سبحانه وتعالى: ﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ﴾، بسبب صنعهم ﴿وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِّنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ العَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ﴾، جاءهم العذاب بغتة.

وقال علي جمعة: جاءهم العذاب بسبب تكذيبهم لرسولهم، والتكذيب درجات منها الإصرار على عدم إتباع كلام النبي المصطفى والحبيب المجتبى ﷺ وهو يقول للجميع: (كن في الدُّنيا كأنك غريبٌ أو عابرُ سَبيل) (البخاري)، وهو الذي كان لا يدخر سوى قوت عامه؛ فلا تمضي الشهور القليلة حتى لا يجد ولا أهل بيته شيئًا من القوت، وهو سيد المرسلين وحبيب رب العالمين وخاتم النبيين، أفلا يهتز قلب المؤمن إلى تقليده ﷺ ويعلم أن الترف لا خير فيه، وأن الظلم فيه خلل عظيم..! وإنه لابد أن نشغّل الناس، وأن يعملوا في بناء أساس المجتمع.

وتابع علي جمعة: ربنا سبحانه وتعالى يذكرنا أنه أنزل إلينا الوحي ليحيي قلوبنا كما تُحيى الأرض الميتة ﴿ وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمِ يَسْمَعُونَ * وَإِنَّ لَكُمْ فِى الأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُّسْقِيكُم مِّمَّا فِى بُطُونِهِ مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ * وَمِن ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِى ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾.

وأكمل: أنتم أيها الناس الذين تتخذون مما رزقكم الله به سَكَرًا ورزقًا حسنا؛ السَّكَر حرام، وفي مقابلته ومغايرته الرزق الحسن؛ فاتخذوا طريق الرزق الحسن.

وأردف: أيها المسلم.. لابد أن تتحرى الحلال، ولابد أن تعلم أن الحلال له مورد وله مصرف، وأن الموارد والمصارف جميعًا ينبغي أن تلتزم فيها بشرع الله سبحانه وتعالى، فإذا أنت كنت من هؤلاء كنت مستجاب الدعاء، فقد ذكر رَسُولُ اللّه ﷺ: (الرَّجُلُ يُطِيلُ السَّفَرَ. أَشْعَثَ أَغْبَرَ. يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ: يَا رَبِّ يَا رَبِّ. وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ، وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ، وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ، وَغُذِّيَ بِالْحَرَامِ. فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذٰلِك؟) (مسلم)، وفي حديثه: (يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة) (الطبراني في الأوسط)

وشدد: فافهم أيها المسلم كيف تقرأ كتاب ربك الذي نزل هدايةً للبشرية إلى يوم الدين، واعلم أن مدخلك إلى ربك العبادة وهو كفيل بك وبرزقك، ﴿إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو القُوَّةِ المَتِينُ﴾ . 

تم نسخ الرابط