بطل أهلكته النيران ..فتي الصعيد الذي واجه النيران ليُنقذ الآخرين بحريق شبرا

لم يكن صباح ذلك اليوم في شبرا الخيمة عاديًا بالنسبة لأحمد جمال علي محمود، ابن محافظة بني سويف، الفتى الصغير ذو الستة عشر ربيعًا. جاء من قلب الصعيد حاملًا معه أحلامًا بسيطة، لكن صادقة؛ أن يعمل في العطلة الصيفية ليجمع ما يساعده على استكمال دراسته، وليكون سندًا لأسرته البسيطة في مواجهة قسوة الحياة.
ترك قريته وأهله، وفي قلبه شوق للعودة إليهم محملًا بالخير، لكن القدر كان يخبئ له امتحانًا لم يخطر على بال. كان أحمد في مكان عمله بجوار سور محطة مترو شبرا الخيمة، حين اخترق صمت الصباح صوت انفجار مرعب من كابينة كهرباء، لتندلع ألسنة النيران في الباكيات الملاصقة، وتلتهم المحال واحدًا تلو الآخر.
الناس يركضون في كل اتجاه، الصرخات تعلو، والدخان يملأ السماء، لكن أحمد لم يفكر في الهرب. قلبه الصغير كان أكبر من الخوف، فاندفع وسط اللهب والدخان لينقذ من يستطيع، يحاول سحب هذا، ودفع ذاك بعيدًا عن النار.
لكن النيران الغادرة حاصرته، واشتعل جسده النحيل أمام أعين المارة. لحظات تحولت فيها البطولة إلى مأساة، ليقع أحمد أرضًا والنار تأكل جسده، بينما هرعت سيارات الإسعاف لنقله في حالة حرجة إلى مستشفى إمبابة العام.
الآن، أحمد يرقد بين الحياة والموت، محاطًا بالأجهزة الطبية، وعيناه المرهقتان تبحثان عن بصيص أمل. أسرته البسيطة، التي لا تملك إلا الدعاء، تناشد الرئيس عبد الفتاح السيسي وكل أصحاب القلوب الرحيمة التدخل السريع لنقله إلى مستشفى "أهل مصر" المتخصصة في علاج الحروق، قبل أن تخطفه يد القدر.
أحمد لم يكن ضحية الحريق فقط، بل كان ضحية شجاعته ونبله، فتى قرر أن ينقذ غيره دون أن يفكر في نفسه، قصة إنسانية كتبتها النار بدموع الأمهات، وتنتظر أن تُختتم برحمة تنقذ حياة بطل صغير من قلب الصعيد.