خطوة ضرورية لتنفيذ القانون
حصر شامل للوحدات السكنية بقانون "الإيجار القديم" وسط تحذيرات من الطعون

منذ سنوات طويلة، ظل ملف الإيجار القديم في مصر أشبه بـ"الخط الأحمر" الذي يتجنبه الجميع سزاء من الحكومة أو مجلس النواب، لكن مؤخرًا، قررت الدولة أن تأخذ خطوة نحو ملف أشبه باللغم، واضعة المالك والمستأجر على طاولة واحدة، بعد أن ظلت العلاقة بينهما معلقة على قوانين تعود لحقبة أخرى.
مجلس الوزراء يعتمد لجان حصر شقق الإيجار القديم المؤجرة لغرض سكنى
ووافق مجلس الوزراء، في اجتماعه اليوم برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي، على مشروع قرار رئيس مجلس الوزراء بشأن قواعد ونظام عمل لجان حصر المناطق التي بها أماكن مؤجرة لغرض السكنى. يهدف القرار إلى تنظيم عمل هذه اللجان وتحديد آليات واضحة لتصنيف المناطق المؤجرة، تمهيدًا لتطبيق القانون رقم 164 لسنة 2025 الخاص بتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر.
تشكيل اللجان ومعايير تصنيف المناطق
نص مشروع القرار على أن يقوم المحافظ المختص بتشكيل لجنة حصر أو أكثر، برئاسة أحد القيادات بالمحافظة، وعضوية فنيين وقانونيين من ذوي الخبرة، يمثلون وزارات الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، والهيئة المصرية العامة للمساحة، ومصلحة الضرائب العقارية.
ستعمل اللجان على تقسيم المناطق التي بها أماكن مؤجرة إلى ثلاثة أنواع رئيسية بناءً على نظام "التقييم بالنقاط":
المناطق المتميزة: تحصل على تقييم أكثر من 80 نقطة.
المناطق المتوسطة: تحصل على تقييم بين 40 و80 نقطة.
المناطق الاقتصادية: تحصل على تقييم أقل من 40 نقطة.
تستند هذه المعايير إلى عدة عوامل تشمل الموقع الجغرافي، مستوى البناء، المرافق المتاحة (مياه، كهرباء، غاز)، شبكة الطرق والمواصلات، الخدمات الاجتماعية والتعليمية، والقيمة الإيجارية السنوية.
تحديد موعد تلقي طلبات الحصول على وحدات بديلة
في سياق متصل، أعلن المهندس شريف الشربيني، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، عن بدء تلقي طلبات المستأجرين الذين تنطبق عليهم الشروط للحصول على وحدات سكنية بديلة اعتبارًا من أول أكتوبر المقبل ولمدة ثلاثة أشهر.
ستكون عملية التقديم عبر منصة إلكترونية موحدة أو من خلال مكاتب البريد على مستوى الجمهورية. يمكن للمستأجرين، سواء الأصليين أو من امتد لهم العقد، تقديم طلباتهم وتحديد نوع الوحدة المطلوبة (إيجار مدعوم، إيجار تمليكي، أو تمليك عبر التمويل العقاري)، والنطاق الجغرافي المفضل.
ومن جهته، بدأ الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أولى خطواته الجريئة بحصر شامل لكل الوحدات الخاضعة للإيجار القديم سواء كانت "سكنية أو تجارية" في محاولة لكشف الأرقام الحقيقية التي ظلت حبيسة التخمينات لسنوات.
وأكد اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز،أن "الفرصة الآن سانحة لتصحيح المسار"، مشيرًا إلى أن آخر إحصاء في 2017 كشف عن 1.64 مليون أسرة تعيش في شقق إيجار قديم، يستفيد منها أكثر من 6 ملايين مواطن، أغلبهم (82%) يتركزون في أربع محافظات، على رأسها القاهرة بنسبة 41%.
هذا التحرك يتزامن مع توقيع الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانونين جديدين في 2025: الأول، رقم 164، لإعادة تنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، والثاني، رقم 165، لتعديل بعض أحكام قانون 4 لسنة 1996، بما يسمح بتطبيق أحكام القانون المدني على الأماكن التي لم تُؤجر من قبل أو انتهت عقودها دون حق للبقاء فيها.
لجان حصر الإيجار القديم ستواجه صعوبات كبيرة وقد تفتح باب الطعون
من جهته، قال المحامي أيمن محفوظ، إن قرار مجلس الوزراء بحصر شامل للوحدات الخاضعة لقانون الإيجار القديم خطوة معقدة وقد تواجه تحديات كبيرة على أرض الواقع.
وأوضح "محفوظ" في تصريح خاص لـ"نيوز رووم"، أن التجربة السابقة للجان تقدير الأجرة في قوانين الإيجار القديم، منذ سبعينيات القرن الماضي وحتى تعديلاتها، أثبتت أن التغطية الشاملة صعبة للغاية، خاصة في ظل التفاوت الكبير بين أسعار العقارات في المناطق المختلفة، مستشهدًا بأن سعر المتر قد يصل في بعض المناطق إلى جنيه واحد، وفي نفس المنطقة وعلي بعد متر واحد فقط يتجاوز مليون جنيه مثل المهندسين وبولاق.
وأضاف أن عملية الحصر قد تستغرق سنوات طويلة، وستستهلك جهدًا وموارد مالية كبيرة من الدولة، فضلًا عن أن التقديرات الناتجة قد لا تكون دقيقة بما يكفي، ما يفتح الباب أمام موجة من الطعون القضائية، الأمر الذي سيؤدي إلى تعطيل المحاكم، محذرًا من احتمال تعرض موظفي اللجان لمشكلات ميدانية قد تستدعي تأمينًا إضافيًا.
وفيما يتعلق بالسكن البديل، أشار محفوظ إلى أن الفكرة ليست حكرًا على وزارة الإسكان فقط، بل يمكن أن تشمل مشروعات القطاع الخاص أو المبادرات مثل "ابن بيتك" في المدن الجديدة.
وشدد على أن الحديث عن سكن بديل بأسعار رخيصة أمر غير واقعي في ظل الظروف الاقتصادية الحالية، لافتًا إلى أن بعض الوحدات المطروحة بأسعار 500 ألف جنيه تتطلب دفعة مقدمة لا تقل عن 200 ألف جنيه، وهو مبلغ يصعب تدبيره على كثير من المواطنين خاصة في ظل الظروف المعيشية الصعبة.
وأضاف، أن خروج مصر من قوانين الإيجار الاستثنائية يجب أن يتم بطريقة مدروسة تضمن العدالة لجميع الأطراف، محذرًا من أن الإجراءات المعقدة قد تعيد البلاد إلى دوامة جديدة من النزاعات والمشكلات.
خطوة ضرورية لتنفيذ القانون
فيما أكد النائب أحمد مهني، عضو مجلس النواب، أن تطبيق قانون الإيجار القديم يمثل خطوة تشريعية طال انتظارها.
وأوضح "مهني" في تصريح خاص لـ"نيوز رووم"، أن القانون الجديد يفتح الباب أمام إعادة تدوير الثروة العقارية وتعزيز أعمال الصيانة والتطوير، بعدما كانت الكثير من العقارات مهملة بسبب ضعف العائد المادي من الإيجارات القديمة.
وأضاف أن تطبيق القانون سيساهم في تحقيق التوازن بين حقوق الملاك ومصالح المستأجرين، مشددًا على أن مجلس النواب راعى خلال مناقشة القانون البعد الاجتماعي، وحرص على منح فترة انتقالية كافية لتوفيق الأوضاع.
وأشاد مهني بالجهود الحكومية في حصر العقارات القديمة والمتداعية، معتبرًا أن هذه الخطوة تمثل قاعدة بيانات دقيقة تسهل عمليات الصيانة والترميم، وتساعد في وضع خطط واضحة للحفاظ على السلامة الإنشائية، بما يضمن حماية الأرواح والممتلكات.
وأكد عضو مجلس النواب علي أهمية متابعة التنفيذ على أرض الواقع من خلال الأجهزة المحلية والرقابية المختصة.