السنغال و الكونغو.. تاريخ كرة القدم الأفريقية بين مدرستين مختلفتين
السنغال والكونغو.. عراقة أفريقية وباع طويل في القارة السمراء

منذ عقود، كان المنتخبان السنغال والكونغو من بين الأسماء الراسخة في ذاكرة كرة القدم الإفريقية، حيث جمعتهما أرضية الملاعب مرات عديدة، في مواجهات لا تخلو من القوة والإثارة، ورسم كل منهما مسارًا حافلًا بالإنجازات واللحظات الخالدة.
أسود التيرانجا على القمة
يعتبر المنتخب السنغالي أحد أعمدة الكرة الإفريقية الحديثة، إذ نجح في ترسيخ نفسه بين كبار القارة بفضل جيل ذهبي من اللاعبين المحترفين في أكبر الدوريات الأوروبية، و تأسس الاتحاد السنغالي لكرة القدم عام 1960، وسرعان ما برز المنتخب في سماء المنافسات القارية.
أول لقب أفريقي للسنغال
رغم مشاركاته العديدة في كأس الأمم الإفريقية، كان اللقب عصيًا على السنغال حتى نسخة 2021 بالكاميرون، عندما قاد المدرب أليو سيسيه كتيبته للتتويج باللقب الأول بعد فوز مثير على منتخب مصر بركلات الترجيح، و سبق هذا الإنجاز وصول المنتخب لنهائي البطولة عامي 2002 و2019، ما يؤكد حضوره الدائم في المربع الذهبي.
على الصعيد العالمي، كانت أبرز محطات أسود التيرانجا، مشاركتهم التاريخية في كأس العالم 2002 بكوريا واليابان، حين هزموا فرنسا حاملة اللقب في المباراة الافتتاحية، وواصلوا المشوار حتى ربع النهائي أمام المنتخب التركي، في إنجاز لم يتكرر سوى في نسخة 2022 بالدوحة، حيث تأهلوا لدور ال 16.
يعتمد المنتخب السنغالي على مزيج من القوة البدنية والانضباط التكتيكي، مع تألق أسماء لامعة مثل ساديو ماني، إدريسا غانا جاي، و خاليدو كوليبالي، ليكون منتخبًا صعب المراس لأي منافس.

الكونغو.. تاريخ حافل وأمجاد قديمة
أما منتخب الكونغو، أو “الفهود الحمراء”، فهو أحد أقدم المنتخبات الإفريقية، إذ أسس اتحاده الكروي عام 1962، وسرعان ما وضع بصمته في بطولات القارة، و حقق المنتخب الكونغولي لقبه القاري الوحيد في نسخة 1972 بالكاميرون، بعد فوزه على مالي في المباراة النهائية، وهو إنجاز لا يزال حاضرًا في ذاكرة جماهيره.
شارك منتخب الكونغو في بطولات كأس الأمم الإفريقية أكثر من مرة، وتميز بأسلوب لعب مفتوح يعتمد على المهارة الفردية والسرعة، مع خلفية تاريخية تعكس قوة الكرة الكونغولية في السبعينيات والثمانينيات. ورغم تراجع الحضور القوي للفهود في العقدين الأخيرين، إلا أن المنتخب ما زال قادرًا على إحداث المفاجآت، خصوصًا عند اللعب على أرضه ووسط جماهيره.
تملك الكونغو إرثًا من اللاعبين البارزين الذين تركوا بصمتهم في القارة، كما يواصل جيل جديد السعي لإعادة المنتخب إلى واجهة المنافسات الإفريقية، في ظل تطور البنية التحتية الرياضية واهتمام الاتحاد المحلي بتطوير الفئات العمرية.
مواجهة تحمل عبق التاريخ
عندما يلتقي المنتخبان، لا تكون المباراة مجرد 90 دقيقة من كرة القدم، بل صراع بين مدرستين إفريقيتين، السنغال بطموحها الدائم للبقاء في القمة، والكونغو برغبتها في استعادة بريق الماضي، هذه المواجهات غالبًا ما تأتي مشبعة بالندية، حيث يمتزج الأداء القوي بالإرث التاريخي، مما يمنحها مكانة خاصة لدى متابعي كرة القدم الإفريقية.
ومع استمرار تطور اللعبة في القارة السمراء، يظل المنتخبان مثالين على التنوع الغني في أساليب اللعب والتاريخ الكروي، ويبرزان أن كرة القدم الإفريقية ليست فقط عن البطولات، بل عن الحكايات التي تُروى جيلاً بعد جيل