ما حكم الصيام والصدقة شكرا لله تعالى؟ الإفتاء توضح

صيام الشكر وصدقة الشكر وسائر القربات العملية من الأعمال المستحبة، فالشكر لا يقتصر على النطق باللسان، بل يشمل أيضًا عمل الجوارح وأداء العبادات، كالصلاة، والصدقة، والصيام، وغير ذلك من أنواع الطاعات، وهي من مراتب الشكر ودرجاته العليا.
مفهوم الشكر وحكمه وجزاء الشاكرين
الشكر هو إظهار أثر نعمة الله على العبد، فيكون على اللسان ثناءً واعترافًا، وعلى القلب محبةً وشهودًا، وعلى الجوارح طاعةً وانقيادًا. وقيل: هو مقابلة النعمة بالقول والعمل والاعتقاد.
وقد أمر الله تعالى عباده بشكره، وجعل ذلك مقرونًا بذكره، فقال سبحانه:
﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152]، مع أن الذكر في ذاته عبادة عظيمة قال عنها تعالى: ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ﴾ [العنكبوت: 45].
ووعد سبحانه الشاكرين بالنجاة والثواب الجزيل، فقال: ﴿مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ﴾ [النساء: 147]، وقال: ﴿وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ﴾ [آل عمران: 145]، وأكد وعده بالزيادة فقال: ﴿لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ﴾ [إبراهيم: 7].
حكم الصلاة والصيام والصدقة للشكر
الشكر لا يقتصر على القول، بل يشمل الأعمال الصالحة والقربات، كالصلاة، والصيام، والصدقة، وهي سنن يُثاب عليها العبد، ولا يقتصر الأمر على سجدة الشكر. فقد نص العلماء على استحباب القيام بعبادة بدنية أو مالية شكرًا لله، استنادًا لقوله تعالى: ﴿اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا﴾ [سبأ: 13].
وكان من هدي النبي ﷺ أن يقوم الليل حتى تتورم قدماه، فلما سألته السيدة عائشة رضي الله عنها عن سبب ذلك، قال: «أفلا أكون عبدًا شكورًا» (متفق عليه)، وفيه دلالة واضحة على أن الشكر يكون بالعمل كما يكون باللسان.
كما صام موسى عليه السلام يوم أن نجاه الله وقومه من فرعون، وصامه النبي ﷺ وأمر به، تأكيدًا لمعنى الصيام شكرًا لله. وكذلك دلّ حديث «يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة» (رواه مسلم) على أن كل تسبيحة أو تحميدة أو صدقة هي شكر لله على سلامة الأعضاء، وأن ركعتي الضحى تكفيان عن ذلك.
خلاصة
الشكر الحقيقي يشمل اللسان والقلب والجوارح، ومن صور الشكر العملية: الصلاة، الصيام، الصدقة، وسائر القربات. وهو من مراتب الإيمان، وله درجات، أعلاها شكر النوافل بعد الفرائض، وهي درجة السابقين المقربين التي أرشد إليها النبي ﷺ.