عاجل

لمن قصر في الصلاة.. هل يجوز إخراج الفدية بعد وفاته؟.. الإفتاء توضح

الصلاة
الصلاة

أكدت دار الإفتاء أنه يجب على المسلم المكلَّف أن يحرص على أداء الصلاة المفروضة ويحرم عليه التهاون بها، ولا تُشرع الصلاة عن الميت مطلقًا، سواء أكانت فرضًا أم صلاة نذر، وسواء فاتته بعذر أو بغير عذر. كما لا تلزم الفدية عن الصلوات التي تركها الميت؛ لأن الصلاة عبادة بدنية محضة لا تدخلها النيابة في حال الحياة، وكذلك لا تدخلها بعد الوفاة

الحث على أداء الصلاة في أوقاتها


أوجب الله تعالى على المسلمين أداء الصلاة في أوقاتها المقررة، فقال سبحانه: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]، ومدح المداومين عليها في وقتها فقال: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا ۝ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا ۝ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا ۝ إِلَّا الْمُصَلِّينَ ۝ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ [المعارج: 19-23].
كما حذَّر سبحانه من التهاون بها أو تركها، فقال: ﴿فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ [مريم: 59]، وقال أيضًا: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ ۝ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: 4-5].

قضاء الصلاة الفائتة


من قصَّر في الصلاة عمدًا، أو فاتته نسيانًا أو بعذر كالنوم، وجب عليه قضاؤها، لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَّا ذَلِكَ» (متفق عليه).
والصلاة عبادة مؤقتة، فإذا خرج وقتها ولم تؤدَّ بقيت دينًا في ذمة المكلَّف حتى يقضيها، سواء كانت قليلة أو كثيرة. ويسقط ترتيب القضاء إذا تجاوزت الفوائت خمس صلوات، أما إذا لم يُعرف عددها تحديدًا فعليه أن يصلي حتى يغلب على ظنه براءة ذمته، وقد روي عن الإمام أحمد أنه قال فيمن أضاع الصلاة: “يعيد حتى لا يشك أنه قضى ما فاته”.

الفدية عن الصلوات الفائتة للميت
إذا مات المسلم وعليه صلوات فائتة، فقد ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية في المعتمد، والحنابلة في رواية، إلى أنه لا تُصلَّى عنه ولا تُقضى، سواء تركها بعذر أو بغير عذر؛ لأن الصلاة عبادة بدنية محضة لا تدخلها النيابة، حال الحياة أو بعد الممات.

قال الشرنبلالي الحنفي في مراقي الفلاح (ص: 170): “ولا يصح أن يصوم الولي ولا غيره عن الميت، ولا أن يصلي أحد عنه”.
وقال الحطاب المالكي في مواهب الجليل (2/ 544): “الصلاة لا تقبل النيابة على المعروف من المذهب”.
وقال النووي الشافعي في روضة الطالبين (2/ 381): “ولو مات وعليه صلاة أو اعتكاف لم يقضِ عنه وليه، ولا يسقط عنه بالفدية”.
وقال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع (4/ 14): “ولا يصلي عنه غيره فرضًا ولا نافلة، في حياته ولا بعد موته؛ لأنها عبادة بدنية محضة”.

وبناءً على ذلك، فإخراج الفدية عن الصلوات الفائتة للميت لا يجزئ، ولا تسقط به هذه الفوائت، إذ لا يصح شرعًا إبدال الصلاة بمال أو طعام، لكونها عبادة بدنية محضة.
كما أن القول بجواز الفدية قد يفتح باب سوء الظن بالمصلين، والتشكيك في التزامهم، وهو أمر منهي عنه في الشريعة؛ قال تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ﴾ [الحجرات: 12]، وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ» (متفق عليه).

ثم إن تقدير الفدية يتطلب معرفة عدد الصلوات الفائتة، وهو أمر لا سبيل للقطع به بعد وفاة المكلَّف، ومجهول الأصل لا يمكن تحديد بدله على وجه صحيح، فيبقى الحكم على الأصل، وهو عدم النيابة ولا الفدية عن الصلاة

تم نسخ الرابط