ما حكم قضاء الصلاة الجهرية دون الجهر بالصلاة؟.. دار الإفتاء توضح

أوضحت دار الإفتاء أن الصلاة المفروضة لا تسقط عن المسلم المكلف بأي حال، فإذا فاتته صلاة وجب عليه قضاؤها. ويكون الجهر أو الإسرار في القضاء بحسب وقت الصلاة المقضية، فإن قضاها في وقت صلاة سرية أسرَّ، وإن قضاها في وقت صلاة جهرية جهر. ويُذكر أن الجهر والإسرار من سنن الصلاة لا من أركانها أو شروطها، فيُستحب الالتزام بهما، لكن إن تركهما المصلي سهوًا أو نسيانًا أو لسبب آخر فلا إثم عليه، وتكون صلاته صحيحة
حثَّ الشرع الحنيف على المواظبة على الصلاة في أوقاتها، فهي فريضة عظيمة من فرائض الإسلام وركن من أركانه، فرضها الله تعالى على كل مسلم مكلَّف، وحدد لها أوقاتًا معلومة، وأمر بأدائها فيها، قال سبحانه: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]، أي مفروضة مؤقتة بأوقات محددة.
وأثنى المولى جل شأنه على المحافظين عليها في أوقاتها، وميزهم عن غيرهم، فقال: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾ [المعارج: 19-23].
كما حذّر سبحانه من الإهمال والتقصير فيها، فقال: ﴿فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ﴾ [الماعون: 4-5].
حكم قضاء الصلوات الفائتة
إذا فاتت المكلفَ صلاةٌ مفروضة، فإنها لا تسقط عنه مطلقًا، سواء تركها لعذر كالنسيان أو النوم أو لغير عذر كالتقصير، ويجب عليه قضاؤها. وقد جاء في الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ نَسِيَ صَلَاةً، أَوْ نَامَ عَنْهَا فَكَفَّارَتُهَا أَنْ يُصَلِّيَهَا إِذَا ذَكَرَهَا» رواه مسلم.
وبيّن الإمام النووي في شرحه على صحيح مسلم أن وجوب القضاء يشمل من فاتته الصلاة بعذر أو بغيره، وذكر أن الحديث ورد بصيغة النسيان لبيان السبب، وأنه إذا وجب القضاء على المعذور فالمفرط أولى به.
واتفق فقهاء المذاهب الأربعة على وجوب القضاء في جميع الحالات:
• الحنفية: يجب القضاء سواء فاتت الصلاة نسيانًا، أو عمدًا، أو بدون عذر.
• المالكية: يقضي الصلاة فورًا سواء تركها عمدًا أو سهوًا.
• الشافعية: من فاتته صلاة لزمه قضاؤها، بعذر أو بغيره.
• الحنابلة: القضاء لازم مطلقًا، بعذر أو بدونه.
كيفية القضاء من حيث الجهر والإسرار
اتفق الفقهاء على وجوب القضاء، لكنهم اختلفوا في الجهر أو الإسرار:
• الحنفية في المعتمد: يقضي الصلاة كما كانت في أدائها، فإن كانت جهرية جهر، وإن كانت سرية أسر، مع بعض التفصيل للإمام والمنفرد.
• المالكية وبعض الشافعية: يقضي الصلاة على صفتها الأصلية في الأداء؛ فالنهارية تُقضى سرًا، والليلية جهرًا، ولو اختلف وقت القضاء.
• الأصح عند الشافعية والحنابلة: الاعتبار بوقت القضاء لا وقت الأداء، فإن كان القضاء في وقت صلاة سرية أسر، وإن كان في وقت جهرية جهر، مع استثناءات خاصة بالإمام عند الحنابلة.
الرأي الراجح للفتوى
المختار أن يكون القضاء على حسب وقت أدائه، فإن كان في وقت صلاة سرية يُسر بالقراءة، وإن كان في وقت صلاة جهرية يجهر، وذلك منعًا للبس على المصلين.
معنى الإسرار والجهر وحكمهما
الإسرار: تحريك اللسان بالقراءة بحيث يسمع المصلي نفسه فقط.
الجهر: رفع الصوت بالقراءة بحيث يسمع نفسه ومن حوله.
وكلاهما من سنن الصلاة المستحبة، وليس من الأركان أو الشروط، فمن تركهما عمدًا أو سهوًا فصلاته صحيحة إذا أتى ببقية الأركان والشروط.