أحمد زايد: العلوم الاجتماعية مُهمّشة في العالم العربي رغم أهميتها|فيديو

أكد الدكتور أحمد زايد، مدير مكتبة الإسكندرية وأحد أبرز أساتذة علم الاجتماع في العالم العربي، أن العلوم الاجتماعية ما زالت تعاني من التهميش في المجتمعات العربية، إذ لا يُنظر إليها بنفس القدر من الأهمية كما هو الحال مع العلوم التطبيقية أو التقنية.
وأشار زايد، خلال ظهوره في برنامج "معكم" على قناة "ON"، إلى أن هذه العلوم، وعلى رأسها علم الاجتماع، تُعتبر حجر الزاوية في فهم التحولات الكبرى التي تشهدها المجتمعات، خاصة في ظل التغيرات المتسارعة في القيم والعلاقات الإنسانية والأنماط السلوكية.
وأوضح أن تجاهل أهمية هذه العلوم من قبل شريحة كبيرة من المجتمع يحجب القدرة على استباق الأزمات الاجتماعية وفهم ظواهر مثل العنف أو التهميش أو التطرف، وهي قضايا تتطلب أدوات تحليلية عميقة لا توفرها سوى علوم الاجتماع والنفس والسياسة.
تطور علم الاجتماع في مواجهة التغيرات المجتمعية والتقنية
وأضاف الدكتور زايد أن علم الاجتماع شهد تطورًا كبيرًا لمواكبة المتغيرات الاجتماعية العميقة التي طرأت على المجتمعات خلال العقود الأخيرة.
وأوضح أن التحولات السريعة في بنية المجتمعات، مدفوعة بالتقدم التكنولوجي وانتشار الإنترنت، فرضت ضرورة تطوير أدوات البحث العلمي والمنهجي التي يستخدمها الباحثون في هذا المجال.
وأشار إلى أن المفاهيم التقليدية حول الطبقات الاجتماعية، والانتماء، والهوية لم تعد كافية لتفسير الواقع، خاصة مع ظهور "عوالم افتراضية" باتت تؤثر على تشكيل وعي الإنسان وسلوكه.
وأكد أن هذا الواقع الجديد يتطلب إعادة النظر في الأسس التي يقوم عليها علم الاجتماع من حيث المفاهيم والمنهجيات، خاصة في ظل ما أسماه بـ"تشظي الهويات" و"تعدد العوالم التي يعيش فيها الإنسان اليوم".
الذكاء الاصطناعي.. لاعب جديد في تشكيل العلاقات الاجتماعية
وفي إطار حديثه، شدد زايد على أن أحد أبرز التحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة هو تأثير الذكاء الاصطناعي على الحياة الاجتماعية. فوفقًا له، لم يعد الهاتف المحمول مجرد وسيلة ترفيه أو تواصل، بل أصبح بوابة لمعارف ومعلومات ضخمة، تُشكّل وعي الشباب وتطلعاتهم بشكل لم يكن موجودًا من قبل.
وأوضح أن هذه التقنية الحديثة تخلق فجوة متزايدة بين التطلعات التي تبنيها المعلومات المتاحة عبر الذكاء الاصطناعي، وبين القدرات والفرص الواقعية المتاحة لهؤلاء الشباب، وهو ما قد يؤدي إلى الإحباط أو الانعزال أو حتى الانجذاب لعوالم افتراضية منفصلة عن الواقع.
وأشار إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يؤثر فقط على طرق التعليم أو التوظيف، بل يمتد تأثيره إلى الروابط الاجتماعية، والعلاقات الأسرية، وأنماط التفكير والسلوك، مشددًا على ضرورة تعامل علماء الاجتماع بجدية مع هذه الظاهرة وتضمينها في أجنداتهم البحثية.
الهوية والتطلعات في عصر المحمول والذكاء الاصطناعي
واختتم مدير مكتبة الإسكندرية حديثه بالإشارة إلى أن الشباب اليوم باتوا يمتلكون مستقبلًا افتراضيًا يحمل طموحات واسعة تُبنى على ما يتعرضون له من معلومات عبر الإنترنت، وهو ما يخلق "عوالم اجتماعية موازية" قد تنفصل عن واقعهم المادي والمجتمعي.
وأكد على أهمية أن تواكب المناهج التعليمية والبرامج التوعوية هذه التحولات، بحيث يتم تمكين الشباب من فهم أدوات العصر والتعامل معها بوعي نقدي، بدلًا من أن يتحولوا إلى مجرد مستهلكين سلبيين للمحتوى الرقمي.
ودعا زايد إلى إعادة الاعتبار للعلوم الاجتماعية في صياغة السياسات العامة، نظرًا لما تتيحه من فهم معمق لمكونات المجتمع واتجاهاته، لا سيما في ظل التحولات الرقمية والذكاء الاصطناعي.