هبة القدسي تكشف لـ«نيوز رووم»:هل ينجح ترامب في وقف الحرب الروسية - الأوكرانية؟
أكدت الأستاذة هبة القدسي، مدير مكتب الشرق الأوسط في واشنطن، في تصريح خاص لـ«نيوز رووم»، أن اللقاء الثلاثي المحتمل بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي يمثل تطورًا لافتًا يعكس تحولات جيوسياسية جوهرية في إطار الجهود الرامية لإنهاء الحرب الروسية – الأوكرانية المستمرة منذ فبراير 2022.
"صانع سلام" قادر على إنهاء الحرب "في يوم واحد"
وقالت القدسي إن الإعلان عن هذا اللقاء يأتي قبل يومين فقط من انتهاء المهلة التي حددها ترامب لروسيا للموافقة على وقف إطلاق النار، والتي تعهدت واشنطن بعدها بفرض عقوبات مشددة على الدول التي تواصل تجارتها مع موسكو، في مؤشر واضح على أن ترامب يضغط بشدة لانتزاع اختراق سياسي يُوظّف انتخابيًا، ويعزز صورته كـ"صانع سلام" قادر على إنهاء الحرب "في يوم واحد" كما وعد.
وأوضحت القدسي أن اللقاء يأتي بعد سلسلة من التحركات الدبلوماسية المكثفة بين واشنطن وموسكو وكييف، شملت اتصالات هاتفية مباشرة بين ترامب وبوتين وزيلينسكي، وزيارات متبادلة أبرزها زيارة المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف إلى موسكو.
"من الواضح أن ترامب يسعى إلى تمهيد الطريق للعب دور الوسيط القوي، لكن تعقيدات الملف والمواقف المتصلبة من الطرفين تجعل من أي تسوية نهائية هدفًا بالغ الصعوبة"، بحسب تعبيرها.
محاور التفاوض المحتملة: خمس قضايا شائكة:
وترى القدسي أن جدول أعمال اللقاء، في حال انعقاده، سيركز على خمسة ملفات محورية:
1. وقف إطلاق النار وشروطه
دفعت الولايات المتحدة باتجاه هدنة أولية لمدة 30 يومًا وافقت عليها كييف مبدئيًا، بشرط التزام روسي واضح. بينما أبدى بوتين تأييدًا مشروطًا متحدثًا عن 'قضايا عالقة'، منها ملف الناتو ومصير الأراضي التي تسيطر عليها روسيا.
وبدوره، أصر زيلينسكي، على ضمانات أمنية صلبة ويرفض التنازل عن شبر من الأراضي الأوكرانية، مؤكدًا أن "لا مساومة مع قاتل على أراضينا.
2. تقسيم الأراضي وإنشاء مناطق عازلة
توقعت القدسي أن تُطرح مبادرات لتبادل أراضٍ أو إقامة مناطق عازلة على خط التماس، لكنها حذّرت من أن أي تجميد مؤقت للصراع قد يسمح لروسيا بإعادة تموضع عسكري يهدد لاحقًا بتجدد الحرب.
3. اتفاقات اقتصادية حول المعادن
"أعتقد أن ترامب سيطرح مقاربة اقتصادية على غرار ما يُعرف باتفاقية المعادن مع أوكرانيا، وقد أبدت روسيا بالفعل استعدادًا للتعاون في استغلال الموارد في دونباس"، تقول القدسي، معتبرة أن الملف الاقتصادي قد يكون مفتاحًا لتقريب وجهات النظر، لكنه لا يحل الجوانب الأمنية والسيادية الأعمق.
4. الضمانات الأمنية ودور الناتو
هذه النقطة هي الأكثر تفجيرًا، إذ تطالب أوكرانيا بالانضمام للناتو، بينما تعتبرها روسيا خطًا أحمر. وتقول القدسي إن "موسكو تعتبر توسع الناتو أحد الأسباب الجذرية للحرب، ولن تتراجع دون ضمانات مكتوبة".
5. العقوبات والضغوط الاقتصادية
ترامب هدد بفرض عقوبات ثانوية على دول كالصين والهند، إذا لم توافق موسكو على وقف إطلاق النار بحلول 8 أغسطس، لكنه في الوقت ذاته يميل لاستخدام الرسوم الجمركية كأداة ضغط، وهو ما يعكس تذبذبًا في استراتيجيته.
هل يمكن للقاء أن يوقف الحرب؟
بحسب تحليل القدسي، فإن احتمالات التوصل إلى اتفاق نهائي لا تزال ضعيفة، بسبب ما يلي:
- تعنت روسيا: "بوتين يتمسك بمطالبه الاستراتيجية، ويرى أن الكفة الميدانية تميل لصالحه، وهو ليس في عجلة من أمره".
- تشدد أوكرانيا: "زيلينسكي يواجه تراجعًا في شعبيته وضغوطًا من الداخل والخارج، وهو يدرك أن التنازل عن الأراضي يعني نهاية شرعيته السياسية".
- أجندة ترامب الانتخابية: "ترامب يوازن بين تقديم مبادرة دبلوماسية وبين الحفاظ على خطابه الانتخابي القوي، لكن مرونته قد تترجم إلى تنازلات قد تُحرجه لاحقًا".
السيناريو المتوقع للقاء: إطار تفاوضي لا تسوية شاملة
وترجّح القدسي أن اللقاء إن تم قد يسفر عن هدنة مؤقتة أو اتفاق على إطار تفاوضي مستقبلي، يشمل إنشاء منطقة عازلة أو ترتيبات أمنية مؤقتة، دون اتفاق نهائي شامل.
وتختتم القدسي حديثها "ترامب قد يدفع نحو صفقة اقتصادية تعطي انطباعًا بالنجاح، لكنه لن يتمكن بمفرده من تغيير توازنات الحرب ما لم تتراجع موسكو أو تُكثف الضغوط الدولية".
في رأي الأستاذة هبة القدسي، فإن اللقاء الثلاثي المحتمل يمثل فرصة نادرة لإعادة صياغة مسار الحرب، لكنه محفوف بالتحديات الجيوسياسية، ومثقل بحسابات الداخل في كل من واشنطن وموسكو وكييف.
وأضافت "ما سيُعرض على الطاولة ليس فقط وقفًا لإطلاق النار، بل إعادة رسم المشهد الأمني والاقتصادي في أوروبا الشرقية. واللاعبون الثلاثة، رغم تفاوت أهدافهم، إذ يتعاملون مع هذه اللحظة كاختبار دقيق لأوزانهم الدولية".
