عاجل

الزواج الحقيقي يبدأ بالزفاف.. ياسمين الجندي تضع روشتة سحرية للاستقرار الأسري

الدكتورة ياسمين الجندي
الدكتورة ياسمين الجندي

في زمن تتسارع فيه العلاقات وتتشابك فيه المعايير، بات بناء أسرة مستقرة مهمةً شاقة تتطلب الوعي والنضج، لا مجرد مشاعر حب عابرة أو صور مزيفة على مواقع التواصل.

هذا ما أكدته الدكتورة ياسمين الجندي، استشاري العلاقات الأسرية، خلال حوارها الصريح في برنامج "آخر الأحداث" المذاع على قناة الشمس الفضائية، حيث فتحت ملفات حساسة حول أسباب فشل الزيجات الحديثة وارتفاع نسب الطلاق المبكر، وقدمت روشتة واضحة لبناء علاقة زوجية سليمة تنمو مع الوقت ولا تنهار تحت أول خلاف.

التوقعات الزائفة تؤذي

أوضحت ياسمين الجندي أن بداية الحياة الزوجية كثيرًا ما تصطدم بالواقع، خصوصًا حين يدخل الزوجان في العلاقة وهما محمّلان بتوقعات غير منطقية عن الطرف الآخر، "فيه ناس بتتجوز عن حب، وأول ما يدخلوا بيت واحد، يكتشفوا إنهم اتجوزوا شخص تاني!"، هكذا علقت ساخرة، مؤكدة أن الخيال المرسوم خلال فترة الخطوبة كثيرًا ما يصطدم بالحقيقة، والسبب أن كل طرف يريد من الآخر أن يتطابق مع الصورة التي رسمها له مسبقًا، لا أن يقبله كما هو.

وأضافت ياسمين الجندي: "فترة الخطوبة مش تجهيز فساتين وشبكة وبس، هي فترة تعارف صريح وشفاف". لكن للأسف، كثيرون يقضونها في التجمُّل وإخفاء العيوب، فيخدعون الطرف الآخر... والأسوأ، يخدعون أنفسهم. هذا التجمُّل قد يستمر حتى بعد الزواج لأسابيع، قبل أن تسقط الأقنعة، ويظهر كل شخص على حقيقته، فتبدأ الصدامات.

لا تضيّعوا الوقت

واستنكرت ياسمين الجندي اعتقاد البعض أن طول فترة الخطوبة يضمن التفاهم، مؤكدة أن الأهم هو جودة العلاقة لا مدتها، "فيه ناس اتخطبت ست سنين واطلقوا بعد سنة، وفيه ناس اتجوزوا بعد 6 شهور ونجحا"، مشيرة إلى أن النجاح يعتمد على وعي الطرفين ومعرفتهم باحتياجاتهم الحقيقية، لا على الزمن فقط.

كشفت ياسمين الجندي عن أن هناك موجة من الطلاق تحدث بعد ثلاثة إلى ستة أشهر من الزواج، وهي إحصائيات حقيقية تسجلها محاكم الأسرة، السبب الرئيسي في رأيها هو "جيل لا يعترف بأخطائه، ولا يتحمل مسؤولية العلاقة"، إضافة إلى نشأة سريعة دون تربية عاطفية سليمة أو وعي بمفهوم الحياة الأسرية.

الدكتورة ياسمين الجندي
الدكتورة ياسمين الجندي

السوشيال ميديا تهد البيوت

أشارت ياسمين الجندي إلى الدور المدمر لمواقع التواصل الاجتماعي، والتي تجعل الأزواج يقارنون شريك حياتهم بصور مثالية وغير واقعية، "الزوج عايز مراته تبقى زي البلوجر، والزوجة عايزة جوزها يبقى شبه نجوم السوشيال ميديا، لكن الحقيقة غير كده تمامًا". هذه المقارنات تولد إحباطًا، وتفككًا عاطفيًا داخل الأسرة.

أكدت ياسمين الجندي أن أساس أي زواج ناجح هو الاحترام، بغض النظر عن عمر الطرفين أو خلفيتهم، مشيرة إلى أن هناك شخصيات تُظهر الاحترام منذ البداية، وأخرى تنسف هذا الأساس لاحقًا، "من غير احترام، مفيش بيت يثبت، حتى لو فيه حب".

السن المناسب للزواج

وعن السن الأنسب للزواج، قالت ياسمين الجندي إن الأمر لا يتعلق بالرقم، بل بالنضج العقلي والعاطفي، "فيه شباب صغير اتجوز ونجح، وفيه ناس عندها خبرات وشغل لكنها فشلت في بيتها"، مؤكدة أن النضج والوعي هما المعيار الأهم.

شدّدت ياسمين الجندي على أن الأسرة السليمة لا تقوم إلا على الصراحة، والاحترام المتبادل، وعدم المقارنة بطرف ثالث، إلى جانب إدراك كل طرف لاحتياجات الآخر والاعتراف بأن نجاح الطرف الآخر من نجاحه هو.

الدكتورة ياسمين الجندي
الدكتورة ياسمين الجندي

تدخلات خارجية مرفوضة

وحذرت ياسمين الجندي من إدخال الأهل أو الأصدقاء في كل مشكلة زوجية، أو نشر تفاصيل الحياة الزوجية على مواقع التواصل، معتبرة ذلك "قلة وعي وذكاء عاطفي"، فالحياة الزوجية الخاصة لا يجب أن تكون مادة للفضفضة العلنية.

وحين سُئلت ياسمين الجندي: هل الحب كافٍ لنجاح الزواج؟ أجابت بثقة: "الحب مهم، لكنه مش كفاية"، العقل، والاحترام، والقدرة على الاستثمار في العلاقة، هم الأعمدة الحقيقية التي تُبنى عليها أسرة، الحب دون عقلانية، يؤدي لعلاقة فاشلة.

العمل والزواج توازن

تحدثت ياسمين الجندي عن الزوجة العاملة، مؤكدة أن مساهمتها في البيت يجب أن تكون عن طيب خاطر لا إجبار. "الزوجة لها ذمة مالية مستقلة. لو هتساهم في البيت يبقى باختيارها، مش علشان الزوج بيستنزفها".

وتوقفت ياسمين الجندي عند قضية خطيرة ترد كثيرًا في الاستشارات الأسرية: العنف تحت مسمى الحب، "اللي بيضربك وبيقول بحبك، مش بيحبك.. العنف الجسدي أو النفسي مرفوض تمامًا". وطالبت الزوجات بعدم السكوت عن الإهانة، والتصرف بحسم من أول مرة.

الدكتورة ياسمين الجندي
الدكتورة ياسمين الجندي

مشكلة التراكمات المزمنة

وحين سُئلت ياسمين الجندي عن الطلاق، هل سببه موقف واحد أم تراكمات؟ أجابت: "غالبًا بيبقى نتيجة تراكم مشاكل ما اتحلتش"، مؤكدة أن كثير من الانفصالات تحدث بسبب "جرح قديم ما اتنضفش"، ودعت لإصلاح جذري لا مجرد ترقيع مؤقت.

وعن رجوع الزوجين بعد انفصال من أجل الأبناء، علقت ياسمين الجندي: "لازم نرجع نضاف.. ماينفعش نرجع وإحنا لسه شايلين الوجع"، محذرة من العلاقات التي تستأنف دون معالجة حقيقية للجروح القديمة، لأن الأبناء سيدفعون الثمن.

مسئولية الأطفال الكبيرة

"الأطفال مرآة للأهل"، تقول ياسمين الجندي، مؤكدة أن أي توتر أو عنف داخل الأسرة ينعكس مباشرة على نفسية الأبناء. حتى إذا بدا الطفل بخير، فغياب أحد الوالدين أو العيش وسط صراعات دائمة يترك أثرًا عميقًا في وجدانه.

وفي حال احتدمت الخلافات، نصحت ياسمين الجندي باتباع 3 خطوات: هدنة عاطفية، ثم نقاش عقلاني، ثم تدخل طرف رشيد. وإن لم تُحل المشكلة، يمكن التفكير في الطلاق، ولكن بعد استنفاد كل الفرص، فهو آخر العلاج.

الدكتورة ياسمين الجندي
الدكتورة ياسمين الجندي

مواجهة الذات ضرورية

وحذرت ياسمين الجندي من تكرار نفس الأخطاء في كل علاقة، مشيرة إلى أن "فيه ناس بيتجوزوا كذا مرة ويفشلوا، والسبب مش الشريك، السبب فيهم". وطالبت كل شخص أن يقف مع نفسه ويتأمل مشكلاته، ويطلب المساعدة من متخصص إن لزم الأمر.

وفي ختام اللقاء، وجهت رسالة للأزواج الذين يفكرون في الطلاق: "الاحترام المتبادل هو المفتاح.. عبّر عن مشاعرك، بس من غير لوم، علّموا أولادكم من أفعلكم مش من كلامكم"، مشيرة إلى أن كثيرًا من الزيجات يمكن إنقاذها لو كان هناك نية حقيقية للإصلاح.

تم نسخ الرابط