هل تقبل صلاة من ترك إخراج الزكاة؟ دار الإفتاء تجيب

أجابت دار الإفتاء على سؤال هل تقبل صلاة من ترك إخراج الزكاة ؟ وأوضحت أن من أدَّى الصلاة ولم يخرج الزكاة، فإن صلاته صحيحة، ويسقط عنه بها فرض الصلاة، ولا يُعاقب على ذلك من جهة الصلاة، لكن تبقى عليه مسؤولية ترك الزكاة، ويأثم لعدم أدائها، ويحاسب على هذا التقصير. ولا شك أن العبد إذا جمع بين أداء الصلاة والزكاة وسائر الفرائض كان ثوابه أعظم، ومقامه أعلى عند الله، من الذي يقتصر على أداء بعض الفرائض ويترك البعض الآخر.
وقد جاء في الحديث المشهور عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حين أتى رجلٌ إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم – وكان هو جبريل عليه السلام – فسأله عن الإسلام، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلًا»، ثم سأله عن الإيمان، والإحسان، وأمارات الساعة، فبيّن له النبي صلى الله عليه وآله وسلم جميع ذلك، ثم أخبرهم أن هذا السائل كان جبريل عليه السلام جاء ليعلِّمهم أمور دينهم. وهذا الحديث يُعَدّ أصلًا عظيمًا من أصول الدين، تضمّن أركان الإسلام الخمسة، وأركان الإيمان الستة، ومقام الإحسان، وأمارات الساعة، وفيه من المعاني والدلالات ما يجعله من جوامع كَلِم النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
وكذلك ورد في حديث أبي ثعلبة الخُشني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إن الله فرض فرائض فلا تضيِّعوها، وحرَّم حرمات فلا تنتهكوها، وحدَّ حدودًا فلا تعتدوها، وسكت عن أشياء من غير نسيان فلا تبحثوا عنها» رواه الدارقطني وغيرُه. وهو من الأحاديث الجامعة التي حث فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم على المحافظة على أوامر الله وشرائعه، وأكد أن التفريط في أداء الفرائض – سواء بالتقصير أو بالتأخير أو بعدم استيفاء شروطها – يُعد من التهاون الذي لا يرضاه الله.
وقد نبَّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى خطورة التعدي على حدود الله، في قوله: «كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه، ألا وإن لكل ملكٍ حمى، ألا وإن حمى الله محارمه» [رواه مسلم]. وهذا تشبيه واضح في ضرورة الابتعاد عن المحرمات وعدم القرب منها.
وعليه، فالواجب على المسلم أن يحرص على أداء جميع ما فرضه الله عليه، ويجتهد في الالتزام بحدوده؛ لأنه كلما ازداد قربًا من الله بكمال الطاعة، كان أرجى للرحمة وأوفر حظًا من القَبول والثواب. إلا أن التفريط في فريضة لا يُبطل ما أدّاه من غيرها، فمن صام ولم يُصلِّ لم يُسقِط فرض الصوم، ولكن عليه إثم ترك الصلاة، ومن صلّى ولم يُخرج الزكاة، أجزأته صلاته، لكن تبقى عليه تبعة الزكاة.
ولا شك أن المؤمن الكامل الذي يؤدي جميع الفرائض، ويلتزم بشرع الله، أعظم أجرًا، وأفضل منزلة من غيره، فالأول يرجى له الثواب الكامل، والثاني قد لا ينال من عمله إلا إسقاط الفرض فقط، أما الثواب والقبول، فذلك بيد الله، يتفضل به على من يشاء برحمته