رئيس جامعة الأزهر: سورة المائدة انفردت بتشريع فريد يتعلق بالحج|فيديو

أشاد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، بالإعجاز البياني والتشريعي الذي تحمله سورة المائدة، مؤكدًا أنها تتمتع بخصوصية فريدة بين سور القرآن الكريم، خاصة في تناولها لبعض الأحكام المرتبطة بفريضة الحج، على رأسها حكم صيد البر بالنسبة للمُحرِم، وهو الحكم الذي لم يرد في سور أخرى تناولت فريضة الحج، بما في ذلك سورة الحج ذاتها.
جاءت تصريحات الدكتور داود خلال حلقة جديدة من برنامج "بلاغة القرآن والسنة" الذي يُعرض عبر شاشة قناة الناس، حيث أوضح أن السورة افتتحت بآية جامعة وشاملة، هي قوله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ"، والتي وضعت أساسًا تشريعيًا متينًا يشمل مختلف أشكال الالتزامات والمواثيق، ومن بينها عقد الإحرام، الذي يتطلب من الحاج أو المعتمر التزامًا بعدم صيد البر أثناء فترة الإحرام.
سورة تجمع بين التشريع والعقيدة والسلوك
وأشار رئيس الجامعة إلى أن سورة المائدة تُعد من السور التي تجمع بين أحكام تشريعية متعددة ومقاصد عقدية وسلوكية واضحة، فهي السورة التي ورد فيها تحريم الخمر، وبيان ما يحل أكله من صيد الجوارح المدربة، إلى جانب أحكام الحدود والقصاص. وهو ما يعكس ترابطًا فريدًا بين موضوعاتها وتكاملًا دقيقًا في بنية السورة من أولها إلى آخرها.
إيجاز مذهل يعجز البشر عن تقليده
واستشهد الدكتور داود بكلمات الفيلسوف العربي الشهير الكندي، الذي حاول تقليد أسلوب القرآن الكريم، لكنه أقر بعجزه أمام مطلع سورة المائدة، معترفًا بأن الآية الأولى وحدها تختزل كمًا هائلًا من التشريعات والأوامر بأسلوب بالغ الإيجاز والدقة، وهو ما يُعرف في علم البلاغة بـ"إيجاز القصر".
آيات موجزة تحمل أنهارًا من المعاني
وختم داود حديثه بالتأكيد على أن هذا النوع من الإيجاز القرآني ليس مقتصرًا على سورة المائدة، بل يظهر جليًا في مواضع أخرى مثل قوله تعالى: "خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين"، وقوله: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون"، مشددًا على أن كل آية قرآنية تحتاج إلى تدبر وتأمل، لأنها تحمل معاني غزيرة وسرًّا بلاغيًا لا ينضب، كما عبّر عن ذلك العلامة عبد الله دراز رحمه الله بقوله: "تحت كل آية من القرآن أنهار من المعاني وشلالات من الأسرار".