عاجل

«هواء النار والفأر المحظوظ».. أسرار مذهلة عن ولادة الأكسجين

المسمى الكيميائي
المسمى الكيميائي للاكسجين

في الأول من أغسطس عام 1774، تمكن العالم البريطاني جوزيف بريستلي من عزل غاز جديد عديم اللون أثناء تجربة كان يجريها باستخدام عدسة لتركيز ضوء الشمس على أكسيد الزئبق، ما لاحظه بريستلي لم يكن عاديًا، فقد اشتعلت الشموع بقوة غير معتادة، كما عاش فأر صغير وقتًا أطول مما كان عليه في الهواء العادي، وعندما استنشق الغاز بنفسه شعر بخفة غير مألوفة في صدره.

"هواء بلا فلوجستون": الخطأ الذي غيّر مسار الاكتشاف

رغم نجاحه في عزل الغاز، فشل بريستلي في فهم طبيعته بسبب اعتناقه لنظرية "الفلوجستون"، التي كانت تفترض أن كل المواد القابلة للاشتعال تطلق مادة غير مرئية عند احتراقها، بناء على هذه الفرضية، أطلق بريستلي على الغاز الجديد اسم "الهواء الخالي من الفلوجستون"، معتقدًا أنه مجرد فراغ من هذه المادة.

لافوازييه يدخل المشهد ويعيد كتابة القصة

العالم الفرنسي أنطوان لافوازييه، الذي تلقى نتائج بريستلي، أعاد إجراء التجربة في عام 1777، وأعلن أن الغاز المكتشف ليس مجرد هواء خالٍ من الفلوجستون بل عنصر كيميائي جديد.

وأطلق عليه اسم "أوكسجين"، وتعني باليونانية "مُنتج الأحماض"، ليضع بذلك حدًا لنظرية الفلوجستون ويعيد تعريف مفاهيم الاحتراق والأكسدة.

محاولات مبكرة.. وشبهات علمية لاحقة

قبل بريستلي، كان الكيميائي السويدي كارل شيل قد عزل الأكسجين ما بين عامي 1771 و1773 وأطلق عليه اسم "هواء النار"، لكنه لم ينشر نتائجه سوى في 1777، مما أدى إلى جدل طويل حول من هو المكتشف الحقيقي للعنصر.

 وفي عام 1890، عُثر على رسالة من شيل إلى لافوازييه تثبت علم الأخير بالتجارب السويدية، ما فتح بابًا من الاتهامات حول احتمالية "سرقة الاكتشاف".

أول تجربة لحام بالأكسجين ونبوءة خطيرة من بريستلي

بريستلي لم يتوقف عند العزل فقط، بل لاحظ أن ضخ هذا الغاز في النار يزيد من حرارة اللهب، وهو ما قاد لاحقًا إلى ابتكار تقنيات اللحام بالأكسجين والأسيتيلين، كما تنبأ العالم البريطاني بأن الاستنشاق المستمر للأكسجين قد يؤدي إلى تسريع وتيرة الحياة، قائلاً إننا "نحترق سريعًا كما تفعل الشمعة".

النعناع والفأر.. أساس فهم البناء الضوئي

من أعظم ملاحظاته أيضًا أن نبات النعناع يمكنه إنعاش الهواء داخل جرة مغلقة، مما سمح لفأر بالبقاء حيًا، وهذا الاكتشاف مهد الطريق لفهم عملية البناء الضوئي، حيث تُعيد النباتات الأوكسجين إلى الجو.

عالِم شَغُوف قادته تجاربه إلى أكثر من اكتشاف

جوزيف بريستلي لم يكن مجرد كيميائي، بل كان أيضًا لاهوتيًا ومخترعًا وسياسيًا، وهو أول من اخترع الممحاة المطاطية، وقال عنه لافوازييه إنه "منحنا مفاتيح عالم جديد"، بعدما غيّر فهم البشرية لمفهوم الهواء، والتنفس، والنار.

تم نسخ الرابط