عاجل

من الحساب إلى التحقيق.. كيف تكشف البنوك الأموال المشبوهة؟

البنوك المصرية
البنوك المصرية

 تواصل البنوك المصرية أداء دور محوري في مواجهة عمليات غسيل الأموال ، من خلال تطبيق سياسات رقابية صارمة تهدف إلى حماية النظام المالي، وتعزيز الشفافية، في ظل التحولات الاقتصادية المتسارعة، والتزام مصر بالمعايير الدولية لمكافحة الجريمة المالية.


وتُعد البنوك المصرية حائط صد رئيسي في معركة الدولة ضد غسيل الأموال، وتسعى من خلال أنظمتها الرقابية الحديثة والتزامها بالتشريعات الدولية إلى ضمان بيئة مالية آمنة ومتطورة. 


وفي المقابل، يُعد وعي العملاء وتعاونهم جزءًا لا يتجزأ من نجاح هذه المنظومة، وتحقيق التوازن بين حماية الأمن الاقتصادي وتسهيل المعاملات المصرفية. 


وفي هذا السياق، يستعرض موقع «نيوز رووم» تقريرًا خاصًا حول الدور الذي تلعبه البنوك المصرية في مكافحة غسيل الأموال، مستندة إلى القوانين المنظمة، والإجراءات الرقابية المتبعة داخل القطاع المصرفي. 

آليات التحقق من هوية العملاء :


ويركز التقرير على آليات التحقق من هوية العملاء، وتتبع مصادر الأموال، ورصد العمليات غير المعتادة، إلى جانب توظيف التكنولوجيا الحديثة في كشف التحركات المشبوهة وتعزيز الامتثال للمعايير الدولية والتي جاءت على النحو التالي:

1-إطار قانوني وتشريعي متطور: 
وتستند جهود البنوك المصرية إلى قانون مكافحة غسل الأموال رقم 80 لسنة 2002، وتعديلاته، إلى جانب القواعد الصادرة عن البنك المركزي المصري، والتي كان آخرها في ديسمبر 2023، حين أُصدرت تعليمات تنظيمية محدثة تطالب البنوك بتشديد إجراءات التحقق من العملاء، وتفعيل أنظمة المراقبة والإبلاغ عن العمليات المشبوهة. 
وتلزم هذه القواعد جميع المؤسسات المصرفية بتطبيق منهج قائم على المخاطر في التعامل مع العملاء، بما يضمن التقييم الدقيق لمستوى الخطورة المرتبط بكل نشاط مصرفي. 
2- التحقق من الهوية: أولى خطوط الدفاع: 
وتبدأ إجراءات مكافحة غسيل الأموال داخل البنوك المصرية بآلية «اعرف عميلك»، حيث يُطلب من العملاء تقديم مستندات رسمية تُثبت الهوية ومصدر الدخل، سواء كانوا أفرادًا أو شركات. 
وتزداد هذه الإجراءات دقة عند فتح حسابات جديدة، أو تنفيذ تحويلات دولية، أو التعامل مع مبالغ كبيرة أو أنشطة غير معتادة. 
كما يشترط البنك المركزي التحقق من المالك الفعلي «Ultimate Beneficial Owner» في حالة الشركات، وذلك منعًا لاستخدام الكيانات القانونية كغطاء لتحويلات مشبوهة. 
3-مراقبة إلكترونية وتنبيهات فورية: 
داخل البنوك، تعمل أنظمة إلكترونية متطورة على مراقبة كافة العمليات المصرفية في الوقت الفعلي، لرصد أي سلوكيات غير معتادة قد تشير إلى محاولات لغسل الأموال، مثل الإيداع النقدي المتكرر، أو التحويلات من وإلى دول مصنفة عالية المخاطر. 
وفي حال وجود شبهات، يُحال الأمر إلى وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التابعة للبنك المركزي المصري، التي تتولى التحقيق وإبلاغ الجهات المعنية، في إطار التعاون مع النيابة العامة وهيئات الرقابة الدولية. 
4-التزام متزايد بالتكنولوجيا والشفافية: 
وفي السنوات الأخيرة، اتجهت العديد من البنوك المصرية إلى اعتماد حلول رقمية في عمليات التحقق، من خلال أدوات «التحقق الإلكتروني من الهوية» (e-KYC) والتوقيع الرقمي، وهو ما يساهم في تسريع الإجراءات دون المساس بالرقابة. 
كما تُوظف تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي لتحليل أنماط السلوك المصرفي والتعرف على العمليات ذات الطابع المشبوه، بما يُعزّز قدرة البنوك على اكتشاف محاولات التلاعب مبكرًا. 
5-بين الالتزام والتحديات:  
رغم التقدم الكبير في المنظومة الرقابية، فإن تطبيق هذه الإجراءات يفرض على العملاء ضرورة التكيّف مع متطلبات جديدة. ويواجه بعض الأفراد – خاصة ممن يعملون لحسابهم الخاص أو يتلقون تحويلات خارجية – صعوبات في إثبات مصادر الدخل أو التعامل مع القيود المستحدثة. 
لكن من منظور البنوك، فإن هذه الإجراءات ليست تعقيدات بيروقراطية، بل جزء أساسي من منظومة حماية الاقتصاد الوطني، وشرط ضروري للحفاظ على العلاقات المصرفية مع العالم الخارجي، خاصة في ظل تصاعد الرقابة الدولية على حركة الأموال عبر الحدود. 

كما خلص تقرير «نيوز رووم» إلى مجموعة من التوصيات الموجهة للعملاء، لتجنب الوقوع عن قصد أو دون قصد، في شبهات تتعلق بغسيل الأموال، وأبرزها، ضرورة الاحتفاظ بمستندات تثبت مصدر الأموال، وتقديم بيانات دقيقة عند فتح الحسابات أو تنفيذ تحويلات كبيرة، إلى جانب تجنّب المعاملات النقدية المتكررة غير المبررة أو تفتيت الإيداعات، والتي قد تُفسَّر كمحاولة للتمويه. وشدد التقرير على أهمية وعي العملاء بالإجراءات المصرفية، باعتبارهم شريكًا رئيسيًا في حماية المنظومة المالية من الاستغلال غير المشروع.

تم نسخ الرابط