عاجل


منذ تأسيسها في عشرينيات القرن الماضي، لطالما ادّعت جماعة الإخوان المسلمين الدفاع عن الإسلام وقضايا الأمة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، لكنها في الحقيقة كانت، وما تزال، أداةً تستخدمها قوى خارجية لتخريب الداخل العربي، وعلى رأسه الدولة المصرية. ورغم الشعارات البرّاقة التي رفعتها الجماعة، فإن المسار العملي لتحركاتها يكشف توافقًا مذهلًا بين أهدافها وبين المشروع الصهيوني.

فبينما تدّعي العداء لإسرائيل، فإن سجل الجماعة يزخر بالصفقات المشبوهة، والخطابات المزدوجة، والعلاقات السرية، التي تصب كلها في مصلحة تل أبيب. والواقع أن هناك أهدافًا مشتركة بين الجماعة والصهيونية: تفكيك الجيوش الوطنية، إسقاط الدول المركزية مثل مصر، نشر الفوضى، وتفتيت وحدة المجتمعات العربية.

التحالف الخفي : الإخوان وإسرائيل

منذ ثورة 2011 وحتى اليوم، ظهرت بوضوح خيوط التعاون غير المعلن بين الإخوان وإسرائيل. فقد كانت الجماعة تراهن على إسقاط الدولة المصرية من الداخل، بينما كانت تل أبيب تأمل في تفكيك الجيش المصري، كما حدث في دول أخرى مثل العراق وسوريا. وكأن الطرفين – رغم اختلاف الرايات – كانا يخوضان معركة واحدة ضد الدولة المصرية.

وقد كشفت تقارير استخباراتية أن الجماعة، خلال فترة حكمها القصيرة، فتحت قنوات اتصال سرية مع تل أبيب عبر وسطاء أجانب، بل ووافقت على استمرار اتفاقيات كامب ديفيد دون تعديل أو مراجعة، وأبدت استعدادها لتطبيع سياسي واقتصادي تدريجي في حال ضمان استمرار سلطتها.

إنها ذات الجماعة التي هاجمت المقاومة الفلسطينية الوطنية الحقيقية، وأرادت احتكار تمثيل القضية لخدمة أجندتها الإقليمية، المرتبطة بمحاور مشبوهة من أنقرة إلى الدوحة.


الدولة المصرية تتصدى والمؤامرة تنهار

لكن الدولة المصرية كانت بالمرصاد. فبعد أن أسقط الشعب المصري حكم الإخوان بثورة عظيمة في 30 يونيو، انطلقت معركة كبرى ضد الإرهاب ومموليه ومنظريه. وفهمت القاهرة أن جماعة الإخوان لم تكن مجرد تنظيم ديني، بل جهاز سياسي - أمني يخدم أجندات دولية، ويعمل على تقويض الأمن الوطني المصري.

ولعل الضربة الأمنية الأخيرة التي تلقتها حركة "حسم"، الذراع الإرهابية السرية للإخوان، تمثل نقطة فارقة في الحرب ضد الإرهاب. فقد استطاعت الأجهزة الأمنية المصرية توجيه ضربات استباقية ناجحة أسفرت عن تفكيك خلايا التخريب، وضبط مخازن السلاح، وكشف التمويلات الأجنبية.

حركة "حسم"، التي تأسست بعد سقوط الإخوان، كانت تسعى لخلق مناخ من الفوضى والدم، وإظهار مصر كدولة غير مستقرة، تمامًا كما يتمنى العدو الصهيوني. لكن يقظة الدولة، وتكاتف مؤسساتها الأمنية، أفشل هذا المخطط وأسقط رأس الأفعى.


وإذا كانت الدولة قد قامت بواجبها الأمني والوطني، فإن الشعب المصري كان حائط الصد الحقيقي ضد مخططات الإخوان، وخاصة عبر وعيه الكبير في مواجهة حرب الشائعات.

لم تستطع الجماعة خداع المصريين مجددًا. فكل فيديو مفبرك، وكل خبر كاذب، وكل محاولة لتأليب الرأي العام عبر منصاتهم الإعلامية في الخارج، قوبلت بسخرية ورفض من الشعب، الذي بات يعرف أن كل ما يصدر من قنوات الجماعة، مثل "مكملين" و"الشرق"، هو جزء من آلة دعاية سوداء هدفها هدم الثقة بين المواطن ودولته.

وقد أثبت المصريون، في كل مناسبة سياسية أو وطنية، أنهم أكثر وعيًا من أن يُخدعوا مرة أخرى بشعارات الجماعة. فهم يدركون أن المعركة الحقيقية لم تعد فقط مع الإرهاب المسلح، بل أيضًا مع حروب الجيل الرابع والخامس، التي تعتمد على تضليل العقول وتزييف الوعي.

مصر تنتصر على التحالف الأسود

إن الصراع بين مصر وجماعة الإخوان، بما تمثله من مشروع هدّام متحالف ضمنيًا مع الصهيونية، هو صراع وجودي، لكن مصر تنتصر فيه يومًا بعد يوم، ليس فقط عبر الإنجازات التنموية، بل عبر ترسيخ الأمن والاستقرار، وتعزيز الهوية الوطنية.

ولن يكون مستقبل هذه الجماعة إلا في مزابل التاريخ، فقد لفظها الشعب، وكشف تحالفاتها، وأسقط مشروعها الظلامي، الذي لم يكن يومًا مشروعًا للإصلاح أو المقاومة، بل مشروع تآمر وتفكيك تقاطع مع المصالح الإسرائيلية بشكل مباشر أو غير مباشر.

إن بقاء الدولة المصرية واستقرارها هو أقوى رد على هذا التحالف الأسود بين الإخوان والصهيونية... ومصر ستبقى، بجيشها وشعبها وقيادتها، الحصن الحصين للأمة كلها.

تم نسخ الرابط