عاجل

ما حكم رفع الصوت بالتهليل أثناء السير بالجنازة؟.. الإفتاء توضح

صلاة الجنائز
صلاة الجنائز

يحرص كثير من الناس عند تشييع الجنائز على رفع الصوت بالتهليل أو ترديد الأذكار أثناء السير، ظنًّا منهم أن ذلك من مظاهر التقرب إلى الله، أو أنه سنة مستحبة في هذا المقام. لكن ما مدى مشروعية هذا الفعل؟ وهل ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وفي هذا السياق أوضحت دار الإفتاء أنه يكره رفع الصوت عند الجنازة سواء كان بآلة كالطبل أو بصوت آدمي؛ لنهي النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن تتبع الجنازة بصوت.
وقال ابن المنذر: [روينا عن قيس بن عباد رضي الله عنه أنه قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند ثلاث: عند الجنائز، وعند الذكر، وعند القتال. وقال فضيل بن عمرو: بينا ابن عمر رضي الله عنه في جنازة إذ سمع قائلًا يقول: استغفروا له غفر الله لكم، فقال ابن عمر رضي الله عنه: "لا غفر الله لك". وروى أبو داود بإسناده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «لَا تُتْبَعُ الْجَنَازَةُ بِصَوْتٍ وَلَا نَارٍ». فإن دفن ليلًا فاحتاجوا إلى ضوء فلا بأس به] اهـ. "المغني" لابن قدامة (2/ 355-356).

ترغيب الشرع في صلاة الجنازة


رغَّب الشرع الشريف في شهود الجنازة وحضور الصلاة على الميت، ورتَّب على ذلك جزيل الأجر والإثابة، بل وجعله حقًّا للمسلم على أخيه؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصلَّى عليها، فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَها حَتَّى تُدْفَنَ فلَهُ قِيرَاطَانِ». قيل: وما القيراطان؟ قال: «مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ» متفقٌ عليه.

وعنه أيضًا رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «خَمْسٌ مِنْ حَقِّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ: رَدُّ التَّحِيَّةِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَشُهُودُ الْجِنَازَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ إِذَا حَمِدَ اللهَ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، وابن ماجه في "السنن".

وقد جاء في فضلها ما يَحْمِل المسلم على أن يكون حريصًا على فعلها؛ فقد بوَّب الإمام البخاري في "صحيحه" بابًا أسماه: "اتباع الجنائز من الإيمان"، وروى فيه حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ».

حكم صلاة الجنازة


قد ذهب جمهور الفقهاء؛ من الحنفيَّة والمالكيَّة في المشهور والشافعيَّة والحنابلة إلى أنَّ صلاة الجنازة فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الطلب والإثم عن الباقين، وحكى بعضهم الإجماع على ذلك؛ كما في "بدائع الصنائع" للعلامة الكاساني الحنفي (1/ 311، ط. دار الكتب العلمية)، و"إكمال المُعلم" للقاضي عياض المالكي (7/ 46، ط. دار الوفاء)، و"المجموع" للإمام النووي الشافعي (5/ 212، ط. دار الفكر).

كما قرَّر عامة الفقهاء صحة صلاة النساء على الميت إذا توافرت شروطها من الطهارة، وأركانها من القيام والتكبير، فإنه "لا يشترط أن يقوم الرجال لصلاة الجنازة دون النساء وحدهنَّ" كما قال العلامة السمرقندي في "تحفة الفقهاء" (1/ 253، ط. دار الكتب العلمية)

تم نسخ الرابط