خطيب الجامع الأزهر: على الصهاينة أن يعلموا أن الإفساد والقتل عواقبه وخيمة

ألقى خطبة الجمعة اليوم بالجامع الأزهر الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر الشريف، والتى دار موضوعها حول «سورة لقمان وبناء المجتمع».
سورة لقمان وبناء المجتمع
وقال د. هاني عودة نحن في أمس الحاجة في هذه الأيام إلى أن نتعايش مع القرآن الكريم، الكتاب الذي أنزله الله عزّ وجلَّ على قلب النبي محمد ﷺ ليخرج الناس من ظلمات المعاصي والشهوات إلى نور الهدى والإيمان. ومن سور ذلكم الكتاب الحكيم سورة لقمان التي تحكي العديد من الرسائل الإيمانية التي يجب علينا غرسها في نفوسنا ونفوس أبنائنا، وأن نطبقها في جميع نواحي حياتنا للوصول إلى بناء مجتمع قوي متماسك يتخلق بهدي القرآن الكريم ويقتدي بسنة النبي محمد ﷺ.
وأوضح خطيب الجامع الأزهر أن هذه السورة التي يبلغ عدد آياتها ٣٤ آية، كل آية منها تحتاج إلى وقفات لما تحويه من دروس وعبر. افتتحت السورة بالحروف المقطعة "ألم" التي عجز عن تفسيرها العلماء وأهل الفصاحة والبيان، والتي هي تنبيه للآيات التي تليها، فهي نص حكيم قاطع له سر. فالقرآن الكريم فيه حكمة بالغة قال عنها جل جلاله: ﴿يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ﴾. كان لقمان عليه السلام عبدًا صالحًا من غير نبوة من سودان مصر أعطاه الله الحكمة ومنعه النبوة.
وأضاف خطيب الجامع الأزهر بقوله: الحكمة، التي هي الفقه والعقل والإصابة في القول، فضل من الله يؤتيه من يشاء، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ﴾. وأشارت آيات السورة الكريمة إلى وصايا لقمان الحكيم لابنه، تلك الوصايا التي فيها من الكثير ما يعود بالنفع على الفرد وعلى المجتمع. يجب على كل فرد منا مراجعة نفسه في مدى اقتدائه بوصايا لقمان الحكيم، وأن نأخذ منها الزاد الذي نصل به إلى مرتبة الإحسان لتحقيق التكامل والتماسك للمجتمع، الذي لن يكون إلا باتباع القرآن الكريم والمنهج النبوي الذي رسمه الله لنا، حتى يتحقق الإحسان وننال رضوان الله تعالى وجناته ومن تلك الوصايا:
عدم الشرك بالله عز وجل، والإحسان إلى الوالدين. فقد جعل الشرع الآباء مسئولين عن تربية الأبناء: قال ﷺ: (أَلا كلُّكُمْ راعٍ وكلُّكُمْ مسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ... وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مسؤولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ...). لأن كل الآباء مفطورون على الحب والرحمة تجاه الأبناء. والنصح في الدين للأبناء ليس من كل الآباء: (يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ)، (يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ)، ناصحاً الآباء والأمهات إلى عدم الانشغال عن تربية الأبناء والانسياق وراء ملذات الحياة الدنيا، محذراً من سوء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي في كشف العورات ونشر الموبقات لأجل الحصول على ما يسمى بالترند، وتكون عاقبة ذلك هو فشل الأسرة وهدمها، وترك الأبناء عرضة للتيارات المنحرفة تقودها نحو الهاوية.
وتابع د. عودة بقوله: أعظم الرحمة والتربية والرعاية إنقاذهم من النار، فبر الوالدين والإحسان إليهم واجب حتمي على كل مسلم، وعليه أن ينتبه إلى عدم عقوق الوالدين فإنه معول هدم للركن الرئيسي في المجتمع وهو الأسرة. وليتحقق ذلك، يجب على الأسرة التربية السليمة للأبناء منذ صغرهم، بأن تكون تربية دينية قويمة. فالتربية الدينية هي أساس قوي تبنى عليه الأخلاق ويتحقق بها النفع للفرد وللمجتمع.
ومن تلك الوصايا أيضاً: الحث على إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والحث على التواضع وعدم التكبر لأن الكل سوف يحاسب على عمله خيراً كان أو شراً، فإن الله عز وجل لا يحب كل مختال فخور، وفي ذلك تحقيق للكمال في المجتمع.
ومن وصايا لقمان الحكيم لابنه أيضاً عدم الإفساد في الأرض لأن ذلك من الأشياء التي نهى عنها الإسلام. موضحاً أن ما يفعله الصهاينة بأهل غزة من قتل وهدم للبيوت وتشريد للأهالي وتجويع للنساء والأطفال، عاقبته وخيمة عند الله عزّ وجلَّ. فالكل سيقف أمام الله عزّ وجلَّ وسوف يحاسب على عمله خيرا كان أو شرا.