فيروس شيكونغونيا ..معلومات عن الفيروس وعلاقته بالبعوض

يُعد فيروس شيكونغونيا من الفيروسات المدارية التي باتت تشكّل مصدر قلق صحي عالمي، خصوصًا مع التغيرات المناخية وانتشار البعوض في مناطق لم يكن يظهر فيها من قبل. اكتُشف هذا الفيروس لأول مرة في تنزانيا عام 1952، وسرعان ما بدأ ينتشر في أفريقيا ثم آسيا وأمريكا الجنوبية. ومع الوقت، ظهرت حالات متفرقة في أوروبا والشرق الأوسط، مما يعكس قدرة البعوض الحامل له على التكيّف والتوسع الجغرافي.
ينتقل الفيروس إلى الإنسان عن طريق لدغة بعوضة من نوع "إيديس"، وهي نفس البعوضة المسؤولة عن نقل فيروسي حمى الضنك وزيكا. وتبدأ أعراض الإصابة بالظهور عادةً بعد فترة حضانة تتراوح بين 3 إلى 7 أيام من تاريخ اللدغة، وتتمثل في حمى مفاجئة وآلام حادة في المفاصل، خاصة مفاصل اليدين والقدمين، يصاحبها شعور بالإرهاق وصداع وطفح جلدي متفاوت الحدة. ويُعتقد أن سبب تسمية المرض بـ"شيكونغونيا" يعود إلى كلمة إفريقية تعني "الانحناء"، إشارة إلى الانحناء الذي يصيب المصابين من شدة آلام المفاصل.
معاناة مستمرة بعد الشفاء
ورغم أن المرض غالبًا لا يؤدي إلى الوفاة، إلا أن بعض المرضى قد يعانون من آلام مزمنة في المفاصل تستمر لأسابيع أو حتى شهوفر، وقد تتطور في حالات نادرة إلى مضاعفات في الجهاز العصبي أو القلب. لا يوجد حتى الآن علاج نوعي للفيروس، بل يعتمد التدخل الطبي على تخفيف الأعراض من خلال الراحة، الإكثار من السوائل، وتناول أدوية مسكنة للحرارة والآلام مثل الباراسيتامول، مع الحذر من استخدام مضادات الالتهاب مثل الإيبوبروفين قبل استبعاد الإصابة بحمى الضنك.
الوقاية أهم من العلاج
في ظل غياب لقاح فعال، تظل الوقاية هي خط الدفاع الأساسي ضد المرض. تتطلب الوقاية السيطرة على أماكن تكاثر البعوض داخل المنازل ومحيطها، والحذر عند السفر إلى مناطق ينتشر فيها الفيروس. من المهم ارتداء ملابس طويلة، واستخدام طاردات الحشرات، والابتعاد عن مصادر المياه الراكدة التي تُعد بيئة خصبة لتكاثر البعوض. كذلك، يُنصح بتوفير شبكات على النوافذ والنوم تحت الناموسيات، خاصة للأطفال وكبار السن.
فيروس شيكونغونيا ليس مرضًا جديدًا، لكنه يفرض نفسه بقوة في السنوات الأخيرة. ومع ازدياد حركة السفر والتغيرات البيئية، لا بد من التوعية به كأحد الأمراض التي قد تتحول إلى وباء صامت في غفلة منّا.