عاجل

لماذا ينكر الاحتلال الإسرائيلي وجود مجاعة في غزة رغم شهادة الجميع؟

المجاعة في غزة
المجاعة في غزة

قالت الدكتورة أريج جبر، أستاذة العلوم السياسية والخبيرة في الشأن الفلسطيني، إن ما يتعرض له قطاع غزة جريمة حرب مكتملة الأركان وفقًا لما نص عليه ميثاق روما المؤسس للمحكمة الجنائية الدولية المادة 8، والتي تجرّم صراحة التجويع المتعمد للمدنيين، خاصة حين يُستخدم كوسيلة لإخضاع السكان أو دفعهم نحو التهجير أو التخلي عن دعم المقاومة.

وأضافت الدكتورة أريج جبر في تصريح خاص لموقع نيوز رووم، أن هذا النهج يتقاطع تمامًا مع ما نصت عليه اتفاقيات جنيف، لا سيما الرابعة التي تلزم قوة الاحتلال بتوفير الغذاء والدواء للمدنيين في الأراضي المحتلة، وتحرم استخدام الحصار والعقوبات الجماعية.

وشددت جبر على أن ما يمارسه الاحتلال الإسرائيلي من منع دخول المساعدات وتدمير الإمدادات الغذائية يشكّل خرقًا فاضحًا للقانون الدولي، مؤكدة أن ما يحدث في غزة ليس فقط جريمة حرب بل هو سياسة إبادة جماعية بطيئة تُنفذ عبر أدوات متداخلة ومتزامنة: الحصار، الترويع، التدمير، الإنكار، والتحكم بالسرديات.

رفض الاحتلال الاعتراف بوجود المجاعة في غزة

وأوضحت أن رفض الاحتلال الاعتراف بوجود المجاعة في غزة ليس مجرد موقف دعائي، بل هو تموضع استراتيجي لمنع التدخل الأممي والمساءلة الجنائية الدولية، والحيلولة دون عودة الهيئات والمنظمات الدولية، وعلى رأسها الأونروا، التي تعد المنظمة الأكثر قدرة وعدالة في توزيع المساعدات. وأضافت أن الاحتلال يدرك البعد السياسي الخطير لوجود الأونروا، بوصفها تمثل اللاجئ الفلسطيني وحقوقه التاريخية، وتُعد شاهدًا حيًا على الجرائم الممتدة منذ نحو ثمانية عقود.

وأشارت جبر إلى أن التجويع المستخدم اليوم ليس عرضيًا ولا نتيجة للظروف، بل هو نهج عسكري ممنهج لتحقيق أهداف سياسية، أبرزها على النحو التالي:

  • كسر إرادة الصمود الشعبي بحرمان الناس من أبسط مقومات الحياة.
  • تفكيك المجتمع الفلسطيني وتحويله إلى أفراد متنافسين على الغذاء وفرص النجاة.
  • دفع السكان إلى الهجرة القسرية الجماعية في إطار ترانسفير صامت.
  • تحييد الحاضنة الشعبية للمقاومة عبر تحميلها مأساة الواقع اليومي
  • إثارة الانقسامات السياسية والاجتماعية.
     
لا يتوفر وصف للصورة.
الدكتورة أريج جبر

ولفتت الخبيرة السياسية إلى أن الاحتلال لا يكتفي بالتجويع بل يستخدم أدوات متكاملة منها:

  • القصف العشوائي والترويع النفسي.
  • منع دخول المساعدات عبر معابر كرم أبو سالم، ورفح، وزيكيم.
  • الإتلاف المتعمد لأطنان الأغذية والمواد الطبية باعترافات موثقة من مؤسسات إسرائيلية.
  • عرقلة عمل المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأونروا، لمنع التوثيق والرصد الميداني.

ولفتت الدكتورة أريج جبر إلى أن الهدف الإسرائيلي لا يقتصر على خنق غزة اقتصاديًا وإنسانيًا، بل يمتد إلى تحويلها إلى بؤرة بشرية منهارة تُمهّد لتسوية قسرية أو إدارة أمنية بديلة، مضيفة أن هناك مساعي لإحلال أجسام مشبوهة مثل "مؤسسة غزة للمساعدات" للقيام بأدوار استخبارية تحت غطاء العمل الإغاثي، مما يفرغ الفعل الإنساني من مضمونه ويخضعه لأجندة الاحتلال.

وفي ختام حديثها، شددت الدكتورة أريج جبر على أن المعركة الأشد خطورة تدور حول الخطاب والرواية، حيث يرفض الاحتلال الاعتراف بالمجاعة تجنبًا لأي توصيف قانوني يُفضي إلى الملاحقة الجنائية، ويسعى في المقابل لتصوير ما يجري كنتاج للدعاية "الحماسية"، ويستند إلى تصريحات فلسطينية رسمية مثل تلك الصادرة عن حسين الشيخ  لتدعيم روايته، مما يعمّق أزمة التمثيل السياسي الفلسطيني ويخدم سردية الاحتلال ويزيد من عزل غزة دوليًا.

تم نسخ الرابط