عاجل

علا شحود: اللاجئون السوريون يعيشون أزمة مركبة في أوروبا

الدكتورة علا شحود
الدكتورة علا شحود الأستاذة في معهد الاستشراق بموسكو

في ظل استمرار الأزمة السورية وتداعياتها على ملايين اللاجئين، يتعرض السوريون الذين لجأوا إلى أوروبا خلال سنوات الحرب لموجة جديدة من الضغوط النفسية والمعيشية، وفقًا لما أكدت عليه الدكتورة علا شحود، الأستاذة في معهد الاستشراق بموسكو.

ففي تصريحات خاصة لـ"نيوز روم"، أوضحت شحود أن اللاجئين السوريين في دول مثل ألمانيا، السويد، كندا، النرويج، وفرنسا يعانون من صدمة ثقافية عميقة، تزيد من حالة الاغتراب التي يعيشونها، وتأثر استقرارهم النفسي. 

وأشارت إلى أن الفجوة الكبيرة بين العادات والتقاليد الأوروبية المختلفة عن المجتمع السوري المحافظ، تُشكل عبئًا نفسيًا يوميًا على اللاجئ، كما تؤثر سلبًا على تماسك الأسرة السورية في المهجر.

تفاقم الضغوط النفسية

وأضافت شحود أن الطقس الأوروبي القاسي، المتميز بالبرودة الشديدة والصقيع خلال معظم فصول السنة، يشكل عاملًا إضافيًا في تفاقم الضغوط النفسية، لا سيما أن اللاجئين اعتادوا على مناخ دافئ ومعتدل في وطنهم الأصلي.

وفي الجانب الاقتصادي، أكدّت الباحثة الروسية أن اللاجئين السوريين يواجهون تحديات مالية كبيرة، إذ يلتزم معظمهم بإرسال تحويلات مالية لأسرهم في الداخل السوري، ما يضاعف الأعباء عليهم في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة في أوروبا، وصعوبة الاندماج بسوق العمل هناك.

"العودة الطوعية"

وفيما يخص فكرة "العودة الطوعية" التي طرحتها بعض الدول الأوروبية، حذرت شحود من تبسيط هذه الخطوة، مشيرة إلى أن الوضع الأمني والإنساني في سوريا ما زال هشًا، وهو ما يجعل من العودة خيارًا محفوفًا بالمخاطر. 

وقالت: "سوريا اليوم ليست الدولة الآمنة التي يُراد تصويرها، بل على العكس، ما تزال تعاني من تداعيات الحرب ونقص الخدمات الأساسية، وهو ما يجعل العودة الطوعية حلًا غير واقعيًا بالنسبة لغالبية اللاجئين".

وأوضحت أن بعض الحكومات الأوروبية، مثل ألمانيا، تقدم حوافز مالية للاجئين العائدين، في محاولة لتشجيعهم على بدء حياة جديدة في سوريا، إلا أن اللاجئ السوري يدرك جيدًا أن ظروف بلده لا تسمح بحياة مستقرة وآمنة، ما ينعكس على رفضه العودة وخوفه على مستقبل أسرته.

السياسات الأوروبية

وفي سياق متصل، انتقدت الدكتورة علا شحود السياسات الأوروبية الحالية تجاه اللاجئين السوريين، ووصفتها بأنها "معقدة وغير مرنة"، مشيرة إلى أن هناك ضبابية حقيقية في التعامل مع ملفات لجوء كثير من السوريين، خصوصاً أولئك الذين وصلوا إلى أوروبا قبل سقوط النظام السوري بفترة وجيزة.

 وأضافت: "حتى اليوم، بعضهم لم يحصل على إقامات قانونية، ولم تُحسم ملفاتهم، ولا توجد رؤية شفافة بشأن حقهم في لمّ شمل أسرهم أو في الاستقرار طويل الأمد".

ورأت شحود أن هناك أزمة بنيوية داخل أوروبا في ملف اتخاذ القرار المتعلق بالهجرة، حيث تسود الازدواجية والتناقض في التعاطي مع أوضاع اللاجئين السوريين، خصوصًا في ألمانيا التي استقبلت أكبر عدد منهم. وتابعت: "منذ 14 عامًا، نرصد حالة من التخبط في السياسات الألمانية تجاه اللاجئ السوري، لا على مستوى القرارات فحسب، بل على مستوى التنفيذ والتنسيق بين الجهات المسؤولة".

وختمت شحود حديثها بالقول: "لا يمكن الحديث عن عودة طوعية واقعية دون توفير بيئة آمنة في سوريا، وضمان حقوق اللاجئين، أما اليوم، فاللاجئ السوري واقع بين مطرقة الغربة وسندان بلد لا يزال يئن تحت أنقاض الحرب".
 

تم نسخ الرابط