عاجل

نحن أمام حرب جديدة تُخَاط فيها كل الحيل والخدع من أجل تشويه الوجه الدبلوماسي لمصر. ما يقوم به البعض من مواجهات وإغلاق عدد من السفارات المصرية في الخارج ليس إلا نهجًا صهيونيًا مأجورًا من أجل تسريع تفريغ قطاع غزة وتهجير سكانها إلى سيناء. الحرب الإسرائيلية على غزة فشلت عسكريًا وكبدت تل أبيب خسائر لم تكن تتوقعها. فباعتراف إسرائيلي، أكدت مصادر عسكرية أن القتلى والمصابين العسكريين تخطوا الآلاف، ناهيك عن من يحتاجون إلى إعادة تأهيل. ومع القتلى العسكريين الذين هم في الأصل حماية لإسرائيل ودولتها المشؤومة، يوجد آخرون مدنيون قُتلوا بأيدي القصف الإيراني.

 

الوضع الإسرائيلي في الداخل مرتبك، وعشرات الآلاف تركوا الدولة وعادوا إلى بلادهم الأصلية، بل إن منهم من استقر في قبرص مهدين لأعمال جديدة وحياة بديلة لحين انتهاء الحرب أو لأمد غير قريب. تتشابك تداعيات الحرب الإسرائيلية على غزة وتصل إلى الاقتصاد الذي فقد الكثير من سيولته في هذه الحرب مع فرار رجال الأعمال الكبار وأصحاب العقول التكنولوجية من إسرائيل وعودتهم إلى الأماكن التي جاءوا منها.

 

كل هذه التداعيات فتحت الباب أمام العقل المخابراتي الصهيوني للعمل جاهدًا من أجل إرباك المشهد المصري وتحويل العالم كله إلى القاهرة، ووصفها بأنها هي التي تمنع وصول المساعدات وتغلق معبر رفح المصري، وبالتالي فهي متورطة فيما تقوم به تل أبيب من تجويع وحصار لأهل غزة. الفكر الصهيوني وجد ضالته في الخارج بتجنيد صبية يحملون في عقولهم أفكارًا خاطئة عن مصر وقيادتها. ومن أجل دعم هؤلاء الصبية، جندت إسرائيل بواباتها الإلكترونية والإعلامية لتدوير فكرة تورط مصر في تجويع أهل غزة وإغلاق معبر رفح. فعلى مدى الأيام الماضية، لم يخفَ على أحد ما روج له الصهاينة من ضرورة فتح معبر رفح وإدخال المساعدات إلى غزة، متلاعبين بمشاعر البشر ومراهنين على أن العاطفة دائمًا لا تستمع إلى العقل ولا ترضخ إلا لما يتحرك به القلب والمشاعر.

 

وبما أن كل المحاولات الأمريكية الصهيونية للضغط على مصر من أجل استقبال أهل غزة في سيناء وإنهاء القضية الفلسطينية وطيها، وضعتها في خانة المستحيلات التنفيذية، فإن تل أبيب تلعب بورقة إغلاق السفارات المصرية في الخارج وتجبي الدعم العالمي ضد مصر وسياستها، وتصويرها بالرافضة لإنهاء معاناة غزة وأهلها. الصهاينة طرقوا كل الأبواب ولم تفتح لهم القاهرة، وأكدت دوماً رفضها التهجير الفلسطيني وتحديها لأي محاولات لإقامة دولة فلسطينية في سيناء.

 

الصهاينة وكبيرهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب صرح أمام العالم كله بأنه مول سد النهضة، ونوه أيضًا بانتهاء هذه الأزمة حال موافقة مصر على التهجير المزمع. ومع ذلك، لم ترضخ القيادة السياسية وجددت رفضها التهجير وتوطين الغزاويين في سيناء. اللعب بورقة إغلاق السفارات المصرية في الخارج واستخدام المرتزقة لتنفيذ ذلك المخطط لن يؤتي ثماره، ولن تنجح دولة الاحتلال فيه، ولو حتى استخدمت كل مجنديها من المرتزقة والأفاقين وجامعي المال ومحبّي الشهرة.

 

مصر ليست مجرد دولة، بل هي تاريخ مرسوم على المعابد والمسلات، بل قل بأنها من صنعت التاريخ الذي جاء بعدها. الصهاينة وداعمهم لن ينجحوا مهما كان تخطيطهم بارعًا، لأن مصر بين كنف الرحمن ومحفوظة من السماء، وستظل مصر إلى يوم يبعثون!

تم نسخ الرابط