ختم حياته بالصلاة.. عبدالله يُتوفى بعد إمامته للمصلين في الفجر والظهر بسوهاج

في شقة بسيطة بمركز المنشاة جنوبي محافظة سوهاج، كانت الجدران تحفظ صوت عبد الله محمد خليل، الطالب الأزهري، وهو يتلو آيات القرآن، ويُردد الأناشيد التي طالما أبكت سامعيها، لم يكن صوته فقط ما يميّزه، بل قلبه الذي امتلأ بالنور، ووجهه الذي لا يُفارق الابتسامة.
وفي صباح يوم الرحيل، نهض عبد الله كعادته، توضأ، وأقام الصلاة، ثم وقف إمامًا بالناس في صلاة الفجر بمسجد الحرية، خشوعه المعتاد، وصوته الذي يلامس الأرواح، كانا حاضرين كأن شيئًا لم يتغير، ثم مرت ساعات قليلة، ليؤمهم في الظهر مرة أخرى، بنفس الخشوع والسكينة، بعدها، جلس بينهم، ضاحكًا، متحدثًا بلطف، قبل أن تسرق الحياة أنفاسه الأخيرة بهدوء، وكأنه أتم رسالته، وآن له الرحيل عندما كان يجلس وسط أسرته، وكأنه يودعهم.
والده، المعلم الأزهري المتقاعد، لم يكن يتخيل أن يد الله ستختار ابنه في هذا العمر، لكن حين تحدث عنه، قال بصوت مكسور "كان حافظًا لكتاب الله، صوته في التلاوة كان يُبكي الحجر.. لم أكن أعتمد عليه فقط في البيت، بل كنت أستند عليه في حياتي كلها.. كان سندًا ورفيقًا وأملًا".
عبد الله لم يكن طالبًا عاديًا، بل كان نجمًا لامعًا في فريق الأناشيد الدينية بمنطقة سوهاج الأزهرية، حاصلًا على جوائز وتكريمات، محبوبًا من زملائه وأساتذته، لا تفوته صلاة، ولا يرد طلبًا لأحد، عرفه الناس بحسن الخُلق، وعرفه والده بحُسن البر.
وتحولت صفحات "فيس بوك" في سوهاج إلى دفتر عزاء إلكتروني، تغمره الدعوات والدموع.
وكتب أحد أصدقاء عبدالله على فيس بوك
"كنت تقول دائمًا إن أمنيتك تموت طاهرًا.. مبروك لك تحقيق الأمنية يا طيب القلب"، بينما كتب آخر "لأول مرة، يا عبد الله، تُصلي بنا إمامًا ثم لا تلتفت لتسلم".