عاجل

بسبب الحصانة.. القضاء الفرنسى يبطل مذكرة اعتقال ضد بشار الأسد

بشار الأسد
بشار الأسد

أصدرت محكمة النقض الفرنسية، أعلى سلطة قضائية في البلاد، اليوم الجمعة، قرارا بإبطال مذكرة توقيف كانت قد صدرت بحق الرئيس السوري السابق بشار الأسد، على خلفية اتهامه بالتورط في هجمات كيماوية دامية خلال عام 2013 في سوريا.

وبررت المحكمة قرارها بأن رئيس الدولة، حتى وإن كان متهماً بجرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، يتمتع بحصانة شخصية خلال فترة ولايته، ولا يمكن إصدار مذكرات توقيف بحقه في تلك الفترة، ما لم تُرفع عنه الحصانة وفقًا للقانون الدولي.

لا استثناء من الحصانة

وقال كريستوف سولار، رئيس المحكمة، في ختام جلسة نُقلت بشكل علني عبر الإنترنت لأول مرة: "لا يوجد استثناء قانوني يمكن أن يرفع الحصانة القضائية عن رئيس دولة في أثناء توليه منصبه"، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن بشار الأسد، بعد أن أُطيح به في ديسمبر 2024، لم يعد يتمتع بتلك الحصانة، مما يفتح الباب أمام إصدار مذكرات توقيف جديدة بحقه.

خلفية القضية

تعود القضية إلى الهجوم الكيماوي على الغوطة الشرقية في 21 أغسطس 2013، والذي أسفر عن مقتل أكثر من 1000 شخص، بحسب تقديرات أمريكية، إلى جانب هجمات مماثلة في عدرا ودوما في ذات الشهر أصيب فيها مئات المدنيين بغاز السارين.

وفي نوفمبر 2023، أصدر قاضيان في باريس مذكرة توقيف تاريخية ضد الأسد، متهمين إياه بالتواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، فيما شملت المذكرات مسؤولين آخرين في النظام السوري، أبرزهم على النحو التالي:

  • ماهر الأسد، قائد الفرقة الرابعة في الجيش السوري.
  • اللواء بسام الحسن، مستشار الرئيس للشؤون الاستراتيجية.
  • العميد غسان عباس، مدير الفرع 450 بمركز البحوث العلمية.

وقد أيّدت محكمة الاستئناف المذكرة في يونيو 2024، معتبرة أن الجرائم المرتكبة لا تندرج ضمن المهام الرسمية لرئيس الدولة، في موقف أثار جدلًا واسعًا.

منظمات حقوقية.. قرار "مخيب"

من جهته، وصف المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، وهو من أبرز الأطراف التي عملت على تطوير الملف القضائي، القرار بأنه "مخيب للآمال"، وقال في بيان على صفحته في "فيسبوك" إن "الحصانة استخدمت كذريعة جديدة لإفلات الجناة من العدالة".

وأضافت جلنار أحمد، مديرة برنامج الأرشيف السوري، أن "القرار لا يعني نهاية المسار القانوني"، مؤكدة أن المحكمة أشارت إلى إمكانية إصدار مذكرات توقيف جديدة الآن بعد زوال الحصانة، بما أن الأسد لم يعد يشغل منصب رئيس الدولة.

بداية التحقيق

بدأت القضية في مارس 2021 عندما قدم ناجون ومنظمات حقوقية شكاوى جنائية أمام القضاء الفرنسي، مطالبين بالتحقيق في الهجمات الكيماوية على الغوطة وعدرا ودوما، وبعد انضمام جهات مدنية، فتح تحقيق رسمي في أبريل من العام ذاته، وشُرع في جمع الأدلة التي تضمنت كالآتي:

  • شهادات ناجين وشهود عيان
  • تقارير طبية وحقوقية
  • وثائق سرية وتقارير استخباراتية
  • تحليلات لخبراء أسلحة كيماوية

واستنادًا إلى هذا الكم الكبير من الأدلة، قرر قضاة التحقيق أن هناك "مؤشرات قوية" على تورط الأسد وعدد من كبار المسؤولين السوريين في تلك الهجمات، ما استدعى إصدار مذكرات توقيف دولية في ديسمبر 2023، وجرى تعميمها عبر الإنتربول ويوروبول.

الطعن وإلغاء المذكرة

بعد صدور المذكرة، قدم مكتب المدعي العام الفرنسي لمكافحة الإرهاب طعنًا لدى محكمة الاستئناف، مطالبًا بإلغائها، استنادًا إلى مبدأ الحصانة. ورفعت القضية إلى محكمة النقض، التي أصدرت اليوم حكمها النهائي ببطلان المذكرة، لكنها تركت الباب مفتوحًا أمام خطوات قانونية لاحقة.

معركة مستمرة ضد الإفلات من العقاب

رغم الانتكاسة القانونية، أكدت المنظمات الحقوقية، وعلى رأسها "الأرشيف السوري" و"مبادرة عدالة المجتمع المفتوح"، أن العمل مستمر لتوثيق الجرائم وملاحقة المتورطين، مشددين على أن العدالة قد تتأخر لكنها لن تغيب.

وبينما اعتبر القرار "ضربة" للضحايا والعدالة الدولية، فإنه لم يُغلق الطريق أمام محاسبة الأسد مستقبلًا، خصوصًا بعد خروجه من سدة الحكم وزوال الحصانة القانونية التي تمتع بها لسنوات.

تم نسخ الرابط