الملل ليس دائمًا سلبيًا.. إليك فوائده النفسية المدهشة

الملل يعيد ضبط التوازن النفسي ويدعم الصحة العقلية من خلال إعادة تنظيم آليات التفكير الداخلية، كما توصلت دراسة علمية حديثة نشرتها منصة The Conversation. الباحثون أوضحوا أن لحظات الملل ليست مجرد وقت ضائع، بل تُفعّل مناطق مهمة في الدماغ تساعد على الاستبصار العاطفي وتنظيم المشاعر، وتخفف من الضغط الناتج عن أنماط الحياة المتسارعة. ويشير فريق البحث إلى أنّ التعامل الواعي مع هذه الفترات قد يحوّلها إلى فرص ثمينة لإعادة ترتيب الأولويات وتعزيز الإدراك الذاتي؛ فـالملل يعيد ضبط التوازن النفسي عبر توفير مساحة ذهنية للهدوء والمراجعة.
نشاط داخلي يحدث في الدماغ أثناء الشعور بالملل

عندما يقلّ التحفيز الخارجي—مثل متابعة محتوى غير مثير—يخفت نشاط شبكات التركيز والتحكم التنفيذي، بينما تنشط «شبكة الوضع الافتراضي» المرتبطة بالتفكير الذاتي. هذه العملية تحفّز القشرة الجزيرية واللوزة الدماغية، ما يعزز الوعي الداخلي ويُهيّئ الشخص للانتقال إلى حالات عقلية أكثر توازنًا وهدوءًا. كما ينشّط الفص الجبهي الأمامي، موجّهًا الانتباه للبحث عن بدائل أكثر تحفيزًا. بذلك، الملل يعيد ضبط التوازن النفسي على المستوى العصبي من خلال تحويل طاقة الدماغ من الاستهلاك الخارجي إلى المعالجة الداخلية العميقة.
التحفيز المستمر يستنزف الجهاز العصبي
يحذّر الخبراء من الاعتماد المفرط على المهام المتعددة والتدفق المتواصل للمحتوى الرقمي؛ إذ يُبقي هذا النمط الجهاز العصبي في حالة استنفار دائم تُعرف بـ«التحميل الفسيولوجي الزائد». ينتج عن ذلك ارتفاع هرمونات التوتر، ضعف التركيز، واضطرابات النوم طويلة الأمد. في المقابل، أخذ فترات فراغ قصيرة حيث الملل يعيد ضبط التوازن النفسي يسمح للجهاز العصبي السمبثاوي بالتهدئة وإعادة البناء.
فوائد متعددة للملل المؤقت

تشير الدراسة إلى أن الملل يعيد ضبط التوازن النفسي بآليات طبيعية وآمنة، ومن أبرز فوائده:
تعزيز الإبداع وتحرير تدفّق الأفكار.
بناء الاستقلالية الفكرية والاهتمام بالذات.
تنظيم العواطف وتعزيز الثقة بالنفس.
تقليل التحفيز المفرط وتحقيق توازن عصبي.
المساهمة في تحسين جودة النوم والمزاج العام.
كما يمنح الملل الدماغ فرصة لمراجعة القرارات السابقة والتفكير في خيارات أكثر وعيًا، ما ينعكس إيجابًا على جودة الحياة اليومية. باختصار، اعتياد فترات قصيرة من الفراغ حيث الملل يعيد ضبط التوازن النفسي يهيّئ العقل لاستقبال تحديات جديدة بطاقة متجددة وتركيز أعلى.
لحظات الفراغ ليست سلبية
ترى الدراسة أن الملل يمثل «مساحة عقلية نشطة» تتيح للعقل تصفية الضوضاء الذهنية وإعادة ضبط نظام الاستجابة العصبي. وبدل الهروب الدائم من هذا الشعور، يُنصح باستغلاله كفرصة للتأمّل الذاتي وتجديد الطاقة الذهنية، خاصة في بيئات مشبعة بالمحفزات. وعندما ندرك أنّ الملل يعيد ضبط التوازن النفسي بالفعل، سنبدأ في تقدير تلك اللحظات كأداة وقائية لتحسين أداء المخ والصحة العاطفية على المدى الطويل.