لغز تسمم أطفال دلجا.. أستاذ السموم بطب المنيا يكشف الحقيقة

لم تكن قرية دلجا التابعة لمركز دير مواس بمحافظة المنيا، تدري أن أيامها القادمة ستغرق في الحزن والغموض، بعد وفاة 6 أطفال أشقاء بشكل متتابع، في ظروف غامضة أصابت الجميع بالذهول، القصة بدأت يوم الجمعة 13 يوليو، حين استقبل مستشفى دير مواس التخصصي ثلاث حالات لأطفال يعانون من قيء، سخونة، وتدهور حاد في الوعي، تلاها وفاة سريعة، ثم وفاة طفل رابع في اليوم التالي، مما زاد حالة الذعر بين الأهالي والأطباء.

حالة نادرة أربكت التوقعات
الدكتور محمد إسماعيل، أستاذ السموم الإكلينيكية بكلية طب المنيا، الذي كُلف بمتابعة الحالتين المتبقيتين من الأسرة (رحمة وفرحة)، أكد أن الأعراض كانت نادرة وغير مألوفة، وقال لـ"نيوز رووم ": "لم تكن الأعراض تشير إلى عدوى أو التهاب سحائي كما اعتقد البعض في البداية، بل بدا الأمر مختلفًا تمامًا، وكان تحديًا علميًا كبيرًا لنا وللمنظومة الصحية."
فحوصات وتحاليل لم تسفر عن شيء
أُدخلت الطفلتان إلى مركز السموم، وتم إخضاعهما لتحاليل مكثفة، شملت أشعة مقطعية على المخ والصدر، واختبارات سيولة الدم، وتحاليل لمتبقيات المبيدات الحشرية، وكانت جميع المؤشرات ضمن المعدلات الطبيعية، وبالرغم من استقرار حالتهما، تم إبقاؤهما تحت الملاحظة لمدة ليلتين.

تدهور مفاجئ ووفاة جديدة
بعد خروج الطفلتين، عادت "رحمة" مساءً تعاني من ارتفاع شديد في الحرارة، اضطراب في الوعي، وتهيج عصبي غامض، لم تنجُ وفارقت الحياة فجر الثلاثا، أما "فرحة"، فقد بدأت تعاني من صداع شديد وهزال، وتبيّن وجود ارتفاع بسيط في إنزيمات الكلى، مما استدعى نقلها إلى مستشفى الإيمان بأسيوط لعمل غسيل كلوي، لكنها توفيت لاحقًا أيضًا.
سم نادر ومبيد قاتل
الدكتور إسماعيل أوضح أن الصورة السمية لم تكن واضحة، فتم التواصل مع خبراء من جامعتي عين شمس والإسكندرية، المفاجأة أن الأعراض تطابقت مع حالة مماثلة قادمة من محافظة البحيرة، تبيّن لاحقًا أنها تسممت بمبيد حشري يُدعى "كلورفينبير"، وهو مادة شديدة السمية، لا تكتشف بالتحاليل المعتادة، ولا يوجد لها ترياق، وتظل محتفظة بسمّيتها حتى بعد الغليان أو الطهي.
رسالة تحذيرية
حذر إسماعيل من خطورة هذه المادة المستخدمة في الزراعة، والتي قد تُسبب كوارث صحية إذا لم يتم الالتزام بإجراءات الاستخدام الآمن، مؤكدًا أن الحالات المصابة بها نادرة عالميًا، لكنها قاتلة إذا تم استهلاكها عن طريق الخطأ، كما يُعتقد أنه حدث في قرية دلجا.