عاجل

قانون الرياضة الجديد.. انطلاقة تشريعية لضبط المشهد الرياضي وتحفيز الاستثمار

أشرف صبحي
أشرف صبحي

في لحظة مفصلية من عمر التشريع الرياضي المصري، أقر مجلس النواب تعديلات جوهرية على قانون الرياضة، ليضع حدًا لسنوات من التخبط، ويفتح آفاقًا جديدة لتنظيم المنظومة الرياضية وفق أسس أكثر عدالة وشفافية. 

 

هذه التعديلات لا تمثل مجرد تصحيح لمسار قانون سابق، بل تُجسد رؤية جديدة تُعيد رسم العلاقة بين الدولة والهيئات الرياضية، وتؤسس لمرحلة عنوانها "الحوكمة الرشيدة، والاستثمار الآمن، والرقابة المسؤولة".

فبعد سنوات من الجدل القانوني، وتنازع الصلاحيات بين الجهات، وتراجع بعض الملفات الحيوية تحت وطأة الغموض والتشابك الإداري، تأتي التعديلات التي أعدتها لجنة الشباب والرياضة بالبرلمان لتضع النقاط فوق الحروف، وتعالج التشوهات التي صاحبَت القانون الصادر عام 2017، وتُطلق العنان لمسار مؤسسي أكثر اتزانًا بين الاستقلال الذاتي للأندية، والدور التنظيمي للدولة.

 

وقد جاءت التعديلات التي أدخلتها لجنة الشباب والرياضة على مشروع القانون المقدم من الحكومة منذ عام 2021 لتعالج الكثير من الإشكاليات، وتضع أسسًا أكثر وضوحًا ومتانة، سواء على صعيد الحوكمة أو الاستثمار، أو فض المنازعات الرياضية.

الحوكمة أولًا: استقلالية بضوابط

بحسب وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي، فإن أبرز أهداف القانون يتمثل في تحقيق الحوكمة الكاملة داخل الكيانات الرياضية، من خلال منح كل نادٍ وجمعية عمومية الحرية في وضع لائحته، بشرط التوافق مع الإطار القانوني العام، والمراجعة من قبل الوزارة لضمان الحقوق وعدم التعارض مع المعايير الدولية. وأوضح أن القانون الجديد يمنح استقلالية كاملة لمجالس إدارات الأندية، مع تفعيل أدوات المحاسبة والتدقيق، وهو ما من شأنه تقليل الفوضى الإدارية السابقة التي شهدتها الساحة الرياضية.

استثمار رياضي بمفهوم جديد

من أبرز ملامح القانون، إجازته للهيئات الرياضية تأسيس شركات خدمات رياضية، بالشراكة مع المستثمرين، بشرط أن تمتلك الهيئة الرياضية نسبة لا تقل عن 51% من رأس المال. لكن القانون أتاح مرونة مشروطة لتقليل النسبة، بموافقة الجمعية العمومية، في مسعى لتحقيق التوازن بين حماية المصالح العامة وتشجيع الاستثمار. كما توسع القانون في أشكال الكيانات القانونية، لتشمل شركات مساهمة أو ذات مسؤولية محدودة، مما يسهل عملية التأسيس، ويزيد من الجاذبية الاستثمارية.

فض المنازعات والتحكيم الرياضي

أحد أهم التطورات كان في ملف التحكيم الرياضي، حيث عالج القانون فراغًا قانونيًا امتد منذ حكم المحكمة الدستورية عام 2018، والذي أوقف التحكيم الرياضي السابق، دون بديل واضح. التعديلات الجديدة وضعت نظامًا متكاملًا للتسوية، يضمن سرعة الفصل في النزاعات، مع الحفاظ على استقلال القرار الرياضي عن التدخلات الإدارية المباشرة.

عبد المنعم عمارة: القانون السابق تم تمريره بفعل "فاعل"

في سياق متصل، شن الدكتور عبد المنعم عمارة، وزير الرياضة الأسبق، هجومًا لاذعًا على قانون الرياضة الصادر عام 2017، مؤكدًا أن القانون جاء بإرادة خارجية وداخلية غامضة، وأدى إلى تقليص صلاحيات الوزارة لصالح اللجنة الأولمبية، وهو ما عدّه انحرافًا عن الدستور المصري الذي يحمّل الحكومة المسؤولية عن قطاع الشباب والرياضة.

وأكد أن القانون الجديد يعيد للوزارة دورها الطبيعي، ويكبح جماح بعض المصالح الخاصة التي كانت تستغل الغموض التشريعي للبقاء في "الكراسي الدافئة"، على حد تعبيره.

المشهد الجديد.. تحديات وفرص

رغم ما يحمله القانون من ملامح إصلاحية، فإن التطبيق سيبقى هو التحدي الأكبر، خصوصًا في ما يتعلق بجاهزية الهيئات الرياضية لتطبيق الحوكمة، ومدى وعي الأعضاء بالتغييرات الجديدة. وفي هذا الصدد، وعدت وزارة الشباب بحملات توعية شاملة، تستهدف شرح القانون، وخريطة الطريق للمرحلة الانتقالية، التي حُددت بثلاثة أشهر من تاريخ صدور القانون.

في المحصلة، يمهد قانون الرياضة الجديد الطريق لبنية رياضية أكثر تماسكًا، وإدارة أكثر نضجًا، مع فتح الأبواب أمام اقتصاد رياضي واعد، لكنه –كما يشير المراقبون– لن يكون عصا سحرية، بل يتطلب إرادة صادقة من كافة الأطراف، وتطبيقًا صارمًا بلا استثناءات، لتحقيق الغاية الأسمى: رياضة مصرية تليق بالشباب والوطن.

تم نسخ الرابط