ثورة 23 يوليو.. مصطفى الفقي: تجربة تاريخية غيّرت وجه مصر | فيديو

في تحليل سياسي موسّع، أكد الدكتور مصطفى الفقي، المفكر والدبلوماسي البارز، أن ثورة 23 يوليو 1952 تمثل تجربة تاريخية فريدة لا يمكن الحكم عليها بتوصيف واحد، فهي ليست مجرد حدث قديم أو جديد، بل هي تحول عميق ترك بصمة ما زالت ماثلة في المشهد المصري حتى اليوم.
ثورة لا تُقاس بالزمن
وخلال لقائه مع الإعلامي شريف عامر في برنامج "يحدث في مصر" على قناة "MBC مصر"، أشار الدكتور مصطفى الفقي إلى أن توصيف الثورة بأنها "جديدة" أو "قديمة" يعد اختزالًا لتجربة مركبة ومعقدة، مؤكدًا أن ثورة يوليو ليست فقط حدثًا ماضيًا، بل تمتد آثارها إلى الحاضر والمستقبل.
وقال مصطفى الفقي في هذا السياق: "من الصعب أن نصف إذا كانت ثورة 23 يوليو جديدة أم قديمة، فهي بما لها وما عليها، ستظل لحظة فارقة في التاريخ المصري".
من الملكي إلى الجمهورية
وشبّه مصطفى الفقي ثورة يوليو بـ"الحدث البركاني"، الذي هزّ أركان الدولة وغير بنيتها بالكامل، فقد نجحت الثورة في إنهاء الحكم الملكي، وإعلان الجمهورية، وهو ما اعتبره تحولًا جوهريًا أعاد تشكيل الدولة المصرية على أسس مختلفة تمامًا.
وأوضح مصطفى الفقي قائلًا: "ثورة يوليو كانت حدثًا بركانيًا، وحوّلت مصر من الدولة الملكية إلى الجمهورية، وجعلتها دولةً محورية ومركزية".
تأثيرات مستمرة في بنية الدولة
لم تقتصر نتائج الثورة على تغيير نظام الحكم فحسب، بل امتد تأثيرها العميق إلى مختلف مؤسسات الدولة وهيكلها الإداري والسياسي، حيث لا تزال البصمات التي تركتها حاضرة بقوة في الجهاز الحكومي المصري، وطبيعة العلاقة بين الدولة والمواطن.
وفي هذا الإطار، شدد الدكتور مصطفى الفقي على أن ثورة 23 يوليو أحدثت بنية مؤسسية ما زالت تؤثر في سياسات الدولة الحديثة، مشيرًا إلى أن التنظيمات الإدارية، وبعض ركائز الدولة المركزية، تأسست في ضوء فلسفة يوليو، بما في ذلك سياسات العدالة الاجتماعية، والتعليم المجاني، وإصلاح القطاع الزراعي.
النقد والإنصاف .. رؤية متوازنة
وطالب مصطفى الفقي بضرورة تناول ثورة يوليو برؤية نقدية متوازنة، تتجاوز الإشادة المطلقة أو الهجوم غير الموضوعي، قائلًا إن التاريخ لا يُقرأ بالحنين أو الغضب، بل بالتحليل الموضوعي لما أنجزته الثورة وما أخفقت فيه.
وأكد مصطفى الفقي أن الثورة واجهت تحديات عدة، خاصة بعد رحيل الرئيس جمال عبد الناصر، إلا أن جوهرها ظل قائمًا، متجسدًا في فكرة الدولة الوطنية الحديثة، ودور مصر الريادي في محيطها العربي والأفريقي.
إرث يوليو .. الحاضر والمستقبل
ولفت مصطفى الفقي إلى أن الثورة لا تزال تلعب دورًا في تشكيل الوعي السياسي لدى الأجيال الجديدة، سواء عبر رموزها أو إنجازاتها التاريخية، مشيرًا إلى أن هناك الكثير من الدروس التي يمكن الاستفادة منها في بناء مستقبل مصر.
وقال مصطفى الفقي بوضوح: "ثورة يوليو كانت حدثًا سيظل تأثيره كبيرًا على مصر حاضرًا ومستقبلًا، وبصماتها موجودة في قطاعات ومؤسسات الدولة حتى الآن".

رسالة للأجيال الجديدة
وفي ختام حديثه، وجه مصطفى الفقي رسالة إلى الشباب والمحللين السياسيين، بضرورة قراءة ثورة يوليو بعيون متعددة، وفهمها في سياقها التاريخي والسياسي والاجتماعي، مع الاعتراف بأخطائها دون تجاهل إنجازاتها، معتبرًا أن مصر ما زالت في حالة تفاعل دائم مع إرث يوليو، وأن التحدي الحقيقي هو كيف نحول هذا الإرث إلى حافز للتقدم لا عبء من الماضي.
بهذا الطرح المتوازن، يضع الدكتور مصطفى الفقي ثورة 23 يوليو في إطارها الصحيح: لا كحدث منتهي، بل كعملية مستمرة من التغيير السياسي والاجتماعي، لا تزال تلقي بظلالها على حاضر مصر وتؤسس لطموحات مستقبلها.