واعظة بالأزهر: أول طريق استعادة الشغف يبدأ من الرجوع إلى الله

في ظل تزايد مشاعر الفتور وفقدان الحماسة بين كثير من الشباب، أكدت إلهام شبانة الواعظة بالأزهر الشريف أن فقدان الشغف لم يكن يومًا أزمة نفسية فقط، بل قد يكون رسالة إلهية لإعادة ضبط البوصلة، والعودة إلى الله عز وجل، مشددة على أن النجاح والتوفيق لا يتحققان بذكاء الإنسان وحده، وإنما بتوفيق الله أولًا وأخيرًا.
وأوضحت شبانة في أحدى الحلقات على قناة الناس أن كثيرًا من الشباب يربط الشغف بالإنجازات والماديات، لكن الحقيقة الأعمق أن الشغف يولد في القلب حين يكون متصلًا بالله، وقالت:
“ممكن يوم ربنا ياخد منك حاجة كنت بتفتكر إنك حققتها بمجهودك، علشان يفكرك إن كل حاجة بتحصل بتوفيق منه، مش بشطارتك.. يوم ما حسيت إنك اللي نجحت لوحدك، خذلك”.
الصلاة طريق العودة للشغف
وأكدت أن أول خطوة لاستعادة الشغف هي الرجوع إلى الله، فهو من “زرع الشغف في قلبك، وهو القادر على أن يعيده”، مضيفة:
“اتوضى وصلي ركعتين، وادعي من قلبك: (يارب رجّع لي شغفي وقوتي.. أنت القوي وأنا عبدك الضعيف).. وقتها هتحس بقوة ما تعرفش مصدرها، وسكينة ترجع تفتح لك أبواب الحياة من تاني”.
الدعاء وحده لا يكفي.. لا بد من السعي
وشددت على أن الدعاء دون سعي لا يكفي، قائلة:
“ربنا بيحب العبد اللي بيدعي ويشتغل.. لازم تجتهد وتعافر وتكمل، مش بس تدعي وإنت قاعد في البيت. الدنيا مش دار راحة، بل دار ابتلاء، واحنا شباب لازم نشتغل ونتعب علشان نوصل”.
وقالت الواعظة إن من علامات فقدان الشغف: الكسل، فقدان الحماسة، كثرة الشكوى، والمقارنة بالآخرين، داعية إلى مقاومة هذه المشاعر بالإرادة واليقين بالله، وأضافت:“لو وقعت قوم، لو تعبت استرح وارجع تاني.. مدام لسه ربنا مديك نفس، يبقى لسه قدامك فرصة تحاول وتوصل. وربنا وعد: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)”.
رسالة أمل للشباب:
«لا تستسلم.. وابدأ أول خطوة من عند باب ربنا. هو اللي بيفتح القلوب، وهو اللي بيزرع الشغف من جديد
أفضل أركان الصلاة الركوع والسجود
الصلاة من أعظم العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه سبحانه وتعالى، ومن أفضل أركانها الركوع والسجود؛ فقد أخرج الإمام مسلم في "صحيحه" عن عَبْد الله بن مسعود رضي الله عنه أنَّه قال: «إِنَّ أَفْضَلَ الصَّلَاةِ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ».
حكم قراءة القرآن في الركوع والسجود
من المقرر شرعًا أنَّ الركوع والسجود محلّان لتعظيم الرب سبحانه وتعالى بالتسبيح والذكر والدعاء، وأنهما ليسا محلًّا لقراءة القرآن، وعلى ذلك: أجمع العلماء على أن ذلك لا يجوز؛ قال الإمام ابن عبد البر في "الاستذكار" (1/ 431، ط. دار الكتب العلمية): [أما قراءة القرآن في الركوع فجميع العلماء على أن ذلك لا يجوز.. وأجمعوا أن الركوع موضع لتعظيم الله بالتسبيح وأنواع الذكر] اهـ.
وقال الشيخ ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (23/ 58، ط. مجمع الملك فهد): [وقد اتفق العلماء على كراهة القراءة في الركوع والسجود] اهـ.
والأصل في هذا الإجماع ما ثبت من النهي عنهما فيما أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: كشف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر رضي الله عنه، فقال: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مِنْ مُبَشِّرَاتِ النُّبُوَّةِ إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ؛ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ، أَوْ تُرَى لَهُ، أَلَا وَإِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، فَأَمَّا الرُّكُوعُ فَعَظِّمُوا فِيهِ الرَّبَّ عَزَّ وَجَلَّ، وَأَمَّا السُّجُودُ فَاجْتَهِدُوا فِي الدُّعَاءِ، فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ».
وما أخرجه أيضًا من حديث علي بن أبي طالب كرم الله وجهه قال: "نَهَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ وَأَنَا رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ".
فالحديثان يُقرّران النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود، ويدلّان على أنَّ وظيفة الركوع؛ التسبيح، ووظيفة السجود؛ التسبيح والدعاء. انظر: "شرح النووي على مسلم" (4/ 197، ط. المطبعة المصرية بالأزهر).
أقوال المذاهب الفقهية في قراءة القرآن في الركوع والسجود
على ذلك جاءت نصوص الفقهاء من المذاهب الأربعة المتبوعة من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
قال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار" (1/ 523، ط. دار الفكر): [وفي "المعراج" أول الباب: وتُكره قراءة القرآن في الرّكوع والسّجود والتشهد بإجماع الأئمة الأربعة] اهـ.
وقال العلامة الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (1/ 291، ط. دار الفكر): [وكذا تُكره القراءة في الركوع أو التشهد أو السجود] اهـ.
وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 157، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(وتُكره القراءة فيه)؛ أي: في الركوع (وفي السجود)، بل وفي سائر أفعال الصلاة غير القيام كما قاله في "المجموع"؛ لأنَّها ليست محل القراءة] اهـ.
وقال العلامة شمس الدين ابن قدامة الحنبلي في "الشرح الكبير على المقنع" (3/ 484، ط. هجر): [يُكره أن يَقرأ في الركوع والسجود] اهـ.
الحكمة من النهي عن قراءة القرآن أثناء الركوع والسجود
قد بين العلماء الحكمة من النهي عن قراءة القرآن حال الركوع والسجود؛ حيث ذكروا أن القرآن الكريم أعظم الذكر وأجله، وموضعه حال القيام لا محل الخفض من الركوع والسجود؛ تعظيمًا للقرآن، وتكريمًا لقارئه، ولأنَّ الركوع والسجود حالان دالان على الذل والانكسار، ويناسبهما التعظيم والتسبيح والدعاء.
قال الشيخ ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (5/ 338، ط. دار الكتب العلمية): [وفي نهيه صلى الله عليه وآله وسلم عن قراءة القرآن في الركوع والسجود دليلٌ على أن القرآن أشرف الكلام؛ إذ هو كلام الله، وحالة الركوع والسجود ذلٌ وانخفاضٌ من العبد، فمن الأدب منع كلام الله أن لا يُقرأ في هاتين الحالتين، والانتظار أولى] اهـ.
وقال الملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" (2/ 711، ط. دار الفكر): [إن الركوع والسجود حالان دالان على الذل ويناسبهما الدعاء والتسبيح، فنهي عن القراءة فيهما تعظيمًا للقرآن الكريم، وتكريمًا لقارئه القائم مقام الكليم، والله بكل شيء عليم] اهـ.