عاجل

ما حكم الصلاة على الجنازة عند القبر بعد الدفن؟ الإفتاء توضح

الجنازة
الجنازة

ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية يقول (ما حكم الصلاة على الجنازة عند القبر بعد الدفن في حالة خاصة، حيث توفي شاب في حادث أليم، وأثناء تشييع جنازته حدث ازدحام شديد حال دون أداء الصلاة عليه، وخشي أهله والمشيعون من وقوع فوضى أو مشكلات، فتم تغسيله وتكفينه ودفنه مباشرة دون أن تُقام عليه الصلاة، ثم قام بعض الحاضرين بأداء صلاة الجنازة عليه عند القبر بعد دفنه؟
فهل تُجزئ هذه الصلاة عن فرض الكفاية؟ وهل يأثم من شارك في دفنه دون أن يُصلِّي عليه)

وأجابت بأن :يجزئ في الصلاة على هذا الميت ما أدّاه بعض الناس من صلاةٍ عليه بعد دفنه؛ إذ إن صلاة الجنازة تُعد فرض كفاية، فإذا أداها جماعة سقط التكليف عن الآخرين. ولا إثم في تأخير الصلاة إلى ما بعد الدفن إذا وُجد عذر حال دون إقامتها قبل الدفن، فلا حرج حينئذٍ على من تأخر في أدائها
فضل الصلاة على الجنازة

حثّ الإسلام على أداء صلاة الجنازة، وجعلها من الحقوق التي يجب أن يؤديها المسلم لأخيه، ورتب على ذلك أجرًا عظيمًا؛ فقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلِّي فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَ حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ»، فسُئِل عن القيراطين، فقال: «مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ» [متفق عليه].
كما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه أمر باتباع الجنائز، وجعل ذلك من جملة الأمور التي حثّ عليها، كما جاء في حديث البراء بن عازب رضي الله عنهما.
وفي حديثٍ آخر، عدّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم شهود الجنازة من الحقوق الخمسة التي للمسلم على أخيه، إلى جانب ردّ السلام، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، وتشميت العاطس إذا حمد الله، كما رواه عددٌ من أصحاب السنن والمسانيد.

حكم صلاة الجنازة

انعقد إجماع العلماء على أن صلاة الجنازة واجبة على الكفاية؛ بمعنى أنها إذا قام بها عددٌ كافٍ من المسلمين سقط الإثم عن الباقين، وإذا لم يُصلِّ أحد أثم الجميع.
وقد عبّر الإمام الكاساني الحنفي عن هذا بقوله: إنَّ أداء الصلاة على الميت يُعَدّ من فروض الكفاية التي يحصل بها المقصود عند قيام البعض بها، ولا تُطلب من كل فردٍ بعينه، قياسًا على الجهاد.
وأكد القاضي عياض المالكي أن القيام بهذه الصلاة فرضٌ على الجملة، لكنها تسقط بقيام البعض بها، ولا تتعين إلا إذا لم يوجد سواهم.

الصلاة على الميت بعد دفنه

اتفق فقهاء المذاهب على مشروعية الصلاة على الميت بعد دفنه، في حال لم تُؤدَّ الصلاة عليه قبل ذلك، بشرط ألّا يطول الزمن بحيث يُظن تغيّر جسده.
ويُستدل على ذلك بما ورد في صحيح البخاري، من أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى على قبر امرأة كانت تنظف المسجد، وذلك بعد دفنها.
وقد نصّ الحنفية على جواز الصلاة على الميت في القبر ما لم يُخشَ تغيّره، وجعل بعضهم المدة ثلاثة أيام، إلا أن التحديد ليس لازمًا بل يُراعى فيه تغير الزمان والمكان وظروف الميت.

وبالمثل، نص المالكية على وجوب الصلاة على الميت في قبره إذا لم يُصلّ عليه قبل الدفن، بشرط ألا يكون قد مضى وقت طويل يُرجّح فيه فناؤه.
أما الشافعية والحنابلة، فقد أكدوا مشروعية الصلاة على القبر، ورأوا أنها تُسقط فرض الكفاية، ولا يُنبش القبر لأداء الصلاة، استنادًا إلى فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

الدفن قبل الصلاة دون عذر

رغم أن الصلاة على القبر تُسقِط فرض الكفاية عند كثير من الفقهاء، إلا أن دفن الميت دون أداء الصلاة عليه، من غير عذر، يُعد تفريطًا وتقصيرًا في أداء حقّه.
وقد شدد عدد من العلماء، كالإمام النووي والخطيب الشربيني، على أن من تولوا دفن الميت ولم يُصلوا عليه، مع قدرتهم على ذلك، يتحملون الإثم.
وصرّح السرخسي بأن دفن الميت قبل الصلاة دون عذر يُعد إخلالًا بحق الميت، وإن كان لا يُستحب إخراجه بعد دفنه، لأن الدفن يُعد تسليمًا له إلى الله، لكن الصلاة على القبر تظل واجبة لتدارك ما فات

تم نسخ الرابط