أزمة دفعة 2023 تكشف ارتباك السياسات الصحية
"تكليف دفعة 2023".. خريجي الصيدلة والأسنان مصيرهم معلق بين القانون والتغييرات

بعد مرور أكثر من عامين على تخرجهم، لا يزال آلاف من خريجي كليات الصيدلة وطب الأسنان دفعة 2023 يعيشون حالة من الترقب والقلق، في انتظار ما يعتبرونه حقًا قانونيًا مستحقًا: صدور حركة التكليف التي تؤهلهم للالتحاق بالعمل في المؤسسات الصحية الحكومية.
أزمة دفعة 2023 تكشف ارتباك السياسات الصحية
هذا التأخير أثار موجة من الغضب والجدل داخل الأوساط الطبية، لا سيما في ظل الأحاديث المتزايدة عن اتجاه وزارة الصحة والسكان لإجراء تغييرات جذرية في نظام التكليف، تبدأ من العام 2025، بحيث يقتصر التكليف على من تحتاجهم فعليًا المنظومة الصحية، ورغم أن الوزارة أكدت أن هذه التغييرات لن تطبق بأثر رجعي، إلا أن خريجي دفعة 2023 يشعرون بأنهم يقفون على حافة المجهول.
ينص القانون رقم 29 لسنة 1974 على وجوب تكليف خريجي كليات القطاع الصحي، بما يشمل الأطباء البشريين وأطباء الأسنان والصيادلة وهيئات التمريض والفنيين الصحيين ومع ذلك، فإن توصيات اللجنة العليا للتكليف الأخيرة ألمحت إلى تغيير جوهري في آلية التكليف، يرتكز على "الاحتياج الفعلي" فقط، ما يعني نهاية نظام التكليف الشامل الذي استمر لعقود.
هذه التوصيات قوبلت برفض من قبل خريجي دفعة 2023، الذين أكدوا أن تغيير قواعد اللعبة بعد تخرجهم يُعد انتهاكًا للعدالة القانونية، خاصة وأنهم التحقوا بالدراسة وفق النظام القديم، الذي يضمن لهم التكليف أسوة بمن سبقوهم.
في ظل هذا الغموض، لجأ عدد من خريجي طب الأسنان إلى القضاء الإداري، ورفعوا دعاوى ضد وزير الصحة للمطالبة بإلزام الوزارة بتنفيذ التكليف وساندتهم النقابة العامة لأطباء الأسنان، التي قدمت مذكرات دفاع طالبت فيها بالمساواة في الحقوق، ورفض تطبيق التغييرات الجديدة بأثر رجعي.
تكليف 2022: مؤشرات مقلقة
ما زاد من قلق خريجي دفعة 2023، هو ما حدث في حركة تكليف دفعة 2022، حيث أعلنت الإدارة العامة لطب الأسنان أن التكليف تم "وفقًا للاحتياج"، ما أدى إلى عدم تكليف أطباء الأسنان في عدد من المحافظات الكبرى مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية والغربية وجنوب سيناء، فضلاً عن عدم اكتمال الحركة في خمس محافظات أخرى، من بينها أسيوط وسوهاج وقنا، وتم التوزيع علي باقي المحافظات.
اجتماع وزاري.. وتوصيات تُثير الجدل
مؤخرًا، ترأس الدكتور خالد عبدالغفار، وزير الصحة والسكان، اجتماع اللجنة العليا للتكليف بحضور ممثلي النقابات المعنية، وأعضاء من لجنة الصحة بمجلس النواب. وخلال الاجتماع، تم استعراض دراسة شاملة حول القوى البشرية في القطاع الصحي، تضمنت معدلات العجز الحالية، ومعدلات التخرج السنوية، والزيادة المتوقعة في أعداد الخريجين خلال السنوات الخمس المقبلة.
وفي ختام الاجتماع، أجمعت اللجنة العليا للتكليف على توصية تنص على أن يكون التكليف – بدءًا من عام 2025 – مرتبطًا باحتياجات الجهات الصحية فقط، انسجامًا مع نصوص القانون، وهو ما اعتبره البعض تمهيدًا لإلغاء التكليف الشامل، وفرض نظام أكثر انتقائية، ما يعمّق مخاوف الخريجين الحاليين.
مصير دفعة 2023: بين النص القانوني وتغير السياسات
حتى الآن، لم تحسم وزارة الصحة موقفها النهائي من دفعة 2023، وسط تأكيدات بأن أي تغييرات ستبدأ مع حركة 2025. لكن استمرار التأخير في إصدار قرار التكليف وعدم وجود جدول زمني واضح أثار الشكوك لدى الخريجين، الذين يشعرون بأنهم أول من سيدفع ثمن السياسة الجديدة، رغم عدم خضوعهم لها وقت الدراسة.
وبين نص قانوني واضح، وتحولات إدارية تلوح في الأفق، يبقى مصير دفعة 2023 معلقًا، في انتظار قرار قد يعيد الأمور إلى نصابها، أو يكرس واقعًا جديدًا يضع آلاف الخريجين أمام مستقبل مهني مجهول.