منذ تأسيس دولة إسرائيل عام 1948، اتسمت العلاقة بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية بتحالف استراتيجي متين، تجلّى في الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري غير المحدود الذي تقدّمه واشنطن لتل أبيب، هذا الدعم لم يكن بمنأى عن ردود الفعل في العالم الإسلامي، حيث شكّل أحد أبرز مصادر التوتر بين الشعوب العربية والإسلامية من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى، نظراً لما يحمله من دلالات تتجاوز العلاقات الثنائية لتلامس عمق الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية.
انعكاسات هذا الدعم ظهرت جلية في صورة الغضب الشعبي الواسع داخل الدول الإسلامية، خاصة في أعقاب الحروب التي شنتها إسرائيل على غزة و لبنان، و الاعتداءات المتكررة على المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية، حيث يُنظر إلى الدعم الأمريكي، سواء عبر استخدام حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لمنع قرارات إدانة إسرائيل، أو من خلال صفقات السلاح والمساعدات السنوية السخية، على أنه تواطؤ مباشر في إطالة أمد الاحتلال وتعميق معاناة الشعب الفلسطيني، هذا الشعور دفع قطاعات واسعة من المجتمعات الإسلامية إلى التشكيك في مصداقية الولايات المتحدة كوسيط للسلام، بل واعتبارها طرفًا في الصراع.
فعلى مستوى العلاقات السياسية، أثّر هذا الانحياز الأمريكي الواضح سلبًا على علاقات واشنطن بعدد من الدول الإسلامية، حيث أصبحت بعض الحكومات في موقف حرج بين مصالحها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة وضغوط شعوبها المتعاطفة مع الفلسطينيين، كما استفادت بعض التيارات المتطرفة من هذا الواقع، لتغذية خطاب الكراهية ضد الغرب، وتوظيفه في تجنيد الأفراد، بحجة أن الأمة الإسلامية مستهدفة من تحالفات غير عادلة.
في المقابل، سعت بعض الدول الإسلامية إلى تقوية مواقفها الدبلوماسية من خلال تكتلات إقليمية، كمنظمة التعاون الإسلامي، لمواجهة النفوذ الأمريكي في الملف الفلسطيني، ولو بالحد الأدنى من التعبير الرمزي أو الدعم الإنساني.
وختاما، لا يمكن تجاهل الأثر العميق للدعم الأمريكي لإسرائيل على مشاعر ومواقف العالم الإسلامي، حيث ساهم في توتير العلاقات، وتعزيز الانقسام بين الشعوب والحكومات، بل وكان عاملاً مؤثرًا في تشكيل تصورات سلبية تجاه الولايات المتحدة نفسها، وفي ظل هذا الواقع، تبقى المصداقية الأمريكية في أعين المسلمين رهناً بإحداث تغيير حقيقي ومتوازن في موقفها من الصراع العربي الإسرائيلي