طارق إلياس: أزمة منتصف العمر ليست حتمية وترتبط بجودة المراهقة والعلاقات |فيديو

أكد الدكتور طارق إلياس، خبير التنمية البشرية، أن ما يُعرف بـ"أزمة منتصف العمر" ليست مرحلة لا مفر منها كما يعتقد الكثيرون، بل تعتمد في ظهورها وشدتها على الأسس النفسية والاجتماعية التي نشأ عليها الفرد، وخاصة في مرحلتي المراهقة والشباب، جاء ذلك خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي أحمد دياب، ضمن برنامج "صباح البلد" المذاع على قناة صدى البلد.
أزمة منتصف العمر
أوضح الدكتور طارق إلياس أن أزمة منتصف العمر لا تصيب كل الناس بنفس الطريقة أو في نفس المرحلة، بل تتفاوت من شخص لآخر وفقًا لعدة عوامل، أهمها: جودة الحياة العاطفية والاجتماعية في سن المراهقة، ومدى شعور الشخص بالرضا عن ذاته ومسيرته الحياتية.
وأشار طارق إلياس إلى أن بعض الأفراد يتجاوزون هذه المرحلة دون أزمات نفسية تُذكر، بينما يعاني آخرون من مشاعر القلق والفراغ وفقدان الشغف، وهي مشاعر ترتبط غالبًا بعدم تحقيق الإنجازات المرجوة أو فقدان الإحساس بالهوية بعد عمر الأربعين أو الخمسين.
الاحتياج للشعور بالحيوية
ركّز طارق إلياس في حديثه على أن الأزمة غالبًا ما تتمثل في رغبة الإنسان في التأكيد على أنه لا يزال حاضرًا في الحياة ومقبولًا اجتماعيًا، وأنه ما زال يمتلك قدرًا من الشباب والجاذبية والحيوية، حتى وإن بدت علامات التقدم في العمر واضحة عليه.
وأضاف طارق إلياس أن هذه المرحلة قد تُعد فرصة لبعض الأشخاص لإعادة تقييم الذات وتعديل المسار، لكنها قد تتحول لدى آخرين إلى مصدر توتر نفسي يدفعهم إلى تصرفات غير معتادة، في محاولة لتعويض ما يعتقدون أنه "ضائع" من العمر أو الفرص.
النساء وأزمة منتصف العمر
وحول الفروقات بين الجنسين في التعامل مع هذه المرحلة، أوضح الدكتور طارق إلياس أن النساء غالبًا ما يُبدين اهتمامًا أكبر بمظهرهن خلال أزمة منتصف العمر، حيث يحرصن على تغيير ألوان الملابس، استخدام المكياج، والاعتناء بالشعر والبشرة، في محاولة لاستعادة الشعور بالأنوثة والتجدد.
وأشار طارق إلياس إلى أن هذه التصرفات ليست سطحية كما يعتقد البعض، بل تمثل آلية نفسية دفاعية تهدف إلى التأقلم مع التغيرات العمرية، وإعادة تعزيز الثقة بالنفس.
الرجال ومظاهر الأزمة
أما بالنسبة للرجال، فقد أشار طارق إلياس إلى أنهم يميلون إلى التعبير عن أزمة منتصف العمر بشكل مختلف، حيث يهتمون بتوسيع دائرة علاقاتهم الاجتماعية، إلى جانب التركيز على المظهر الخارجي مثل اختيار ملابس شبابية، أو ممارسة التمارين الرياضية في النوادي والجيمات.
كما قد يظهر الاهتمام بالخروج إلى المقاهي أو الأماكن الاجتماعية بشكل أكبر من المعتاد، وهو ما يُفسّر بحسب طارق إلياس بمحاولة إثبات الذات وتحدي مظاهر التقدم في العمر.

تجاوز الأزمة ممكن بالوعي
واختتم الدكتور طارق إلياس مداخلته بالتأكيد على أن تجاوز أزمة منتصف العمر لا يتطلب سوى الوعي الذاتي والتوازن النفسي، مشيرًا إلى أن الانشغال بالهوايات، تقوية العلاقات الأسرية، والانفتاح على تجارب جديدة، من شأنها أن تقلل من حدة الأزمة أو تمنع ظهورها من الأساس.
ودعا طارق إلياس إلى عدم الاستهانة بالمؤشرات النفسية التي قد ترافق هذه المرحلة، مع أهمية الحديث عنها بصراحة في الإعلام والأسرة، بهدف نشر الوعي المجتمعي حول طبيعتها وكيفية التعامل معها بشكل صحي.