عاجل

“الزراعة”: مشروع الدلتا الجديدة يهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي

مشروع الدلتا الجديدة
مشروع الدلتا الجديدة

في خطوة غير مسبوقة على طريق تحقيق الأمن الغذائي، تكشف الدولة عن واحد من أضخم مشروعاتها الزراعية والتنموية في العصر الحديث: "مشروع الدلتا الجديدة"، الذي يمتد على ملايين الأفدنة في قلب الصحراء الغربية، ليشكل نقلة نوعية في استغلال الموارد الطبيعية وتوسيع الرقعة الزراعية.


فمن خلال دمج أحدث تقنيات الري والزراعة الذكية، وبنية تحتية هندسية عملاقة تضاهي مشاريع كبرى حول العالم، تسعى الحكومة إلى إنشاء مجتمعات عمرانية وإنتاجية جديدة، تستوعب النمو السكاني وتفتح آفاقًا واسعة للتنمية والاستثمار، في إطار رؤية استراتيجية تمتد جذورها منذ عام 2013، وترتكز على استدامة الموارد وبناء اقتصاد زراعي قوي يخدم حاضر الوطن ومستقبله.

كشف الدكتور محمد القرش، المتحدث باسم وزارة الزراعة، عن أبرز ملامح مشروع "الدلتا الجديدة"، الذي يعد من أكبر المشروعات القومية في مجال الزراعة، ويهدف إلى تحقيق الأمن الغذائي واستيعاب التوسع السكاني خارج الوادي الضيق.
 

وأوضح القرش في تصريحات خاصة لـ"نيوز رووم"، أن الدولة بدأت منذ عام 2013 تنفيذ استراتيجية للتوسع في الرقعة الزراعية، تمثلت في مشروعات كبرى من ضمنها "مستقبل مصر"، الذي يُعد جزءاً رئيسياً من مشروع الدلتا الجديدة. ويقع المشروع على امتداد محور "روض الفرج - الضبعة"، على بعد 30 دقيقة فقط من مدينة السادس من أكتوبر، ويربط بين الحدود الإدارية لأربع محافظات: مطروح، البحيرة، الجيزة، والفيوم.

وأضاف أن المشروع يمتد على مساحة تُقدر بنحو 2.2 مليون فدان، ترتفع إلى 2.8 مليون فدان، بما يمثل إضافة نحو 15% من المساحة الزراعية الحالية في مصر، ويُسهم في تخفيف التكدس السكاني في الدلتا القديمة من خلال إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة.

الاستفادة القصوى من كل قطرة مياه

وأشار القرش إلى أن المشروع يركز على تحقيق أقصى استفادة من الموارد المائية عبر تقنيات حديثة للري، وأعلى إنتاجية ممكنة من المحاصيل، خاصة الاستراتيجية مثل القمح، الذرة الصفراء، البقوليات، العدس، الكينوا، الأعلاف، فول الصويا، والخضروات والفواكه المتنوعة.

وأوضح أن المشروع يعتمد على منظومة ري متكاملة تشمل مصدرين رئيسيين: الأول من ترعة الحمام الجديدة، بطول 170 كيلومترًا، حيث تنقل 7.5 مليون متر مكعب يوميًا من مياه الصرف الزراعي بعد معالجتها، والثاني من ترعة "تحيا مصر" بطول 41.3 كم، التي توفر 10 ملايين متر مكعب من مياه نهر النيل من فرع رشيد.

كما نجح فريق من الباحثين في اكتشاف خزان جوفي في الصحراء الغربية، يُمكن أن يُغطي زراعة ما يصل إلى 7 ملايين فدان.

مشروع تنموي متكامل

بدوره ، أكد الدكتور علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي ، أن مشروع الدلتا الجديدة يُعد من أهم المشروعات الاستراتيجية التي أطلقتها الدولة، مشيرًا إلى أنه يمثل أكبر توسع أفقي في تاريخ مصر الحديث، ويهدف إلى تعويض الفاقد من الأراضي الزراعية جراء الزحف العمراني، وخلق فرص استثمارية وزراعية واعدة.

وأضاف أن المشروع يستفيد من أحدث تقنيات الزراعة والري الذكي، والميكنة، ونتائج أبحاث مراكز البحوث الزراعية لاستنباط سلالات مقاومة للجفاف وذات إنتاجية عالية.

وأكد أن المشروع لا يقتصر على الزراعة فقط، بل يتضمن مدنًا إنتاجية، ومناطق صناعية ولوجستية متكاملة لتحفيز الاستثمار، وتوفير آلاف فرص العمل للشباب، ضمن رؤية القيادة السياسية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لتحقيق الأمن الغذائي كأولوية وطنية.

إمكانات هندسية غير مسبوقة

من جهته، أشار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، إلى أن مشروع الدلتا الجديدة يعادل في حجمه 4 إلى 5 محافظات، ويوفر نحو 250 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، متوقعًا أن يستوعب من 2.5 إلى 3 ملايين أسرة.

وكشف مدبولي أن حجم الأعمال الهندسية المنفذة في المشروع يعادل بناء ثلاثة سدود من السد العالي، لكن في فترة زمنية مضغوطة لا تتجاوز 3 سنوات، مقارنة بعشر سنوات لبناء السد العالي.

أضخم محطة معالجة مياه في العالم

ويعتمد المشروع على محطة "الحمام" لمعالجة مياه الصرف الزراعي، والتي تُعد الأكبر من نوعها عالميًا بقدرة 7.5 مليون متر مكعب يوميًا، وتقام على مساحة تتجاوز 150 فدانًا.

 وتدار من خلال منظومة متكاملة تضم مأخذ مياه، محطات رفع، خطوط نقل، ومعالجة ثلاثية، وتنفذها الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بالشراكة مع كبرى الشركات المصرية مثل أوراسكوم.

ويجري تنفيذ 20 محطة رفع لنقل المياه إلى الأراضي المستصلحة عبر شبكة ضخمة، من بينها 4 خطوط رئيسية يزيد طول بعضها عن 100 كم.

محطة
محطة "الحمام" لمعالجة مياه الصرف الزراعي

منشآت هندسية استثنائية

تتضمن أعمال المشروع إنشاء "الترعة المعلقة"، بطول 170 كم، وتتكون من 94 كم مجرى مكشوف و20 كم مواسير معلقة، و13 محطة رفع، و81 منشأة صناعية من قناطر وكباري وسحارات، لنقل 7.5 مليون متر مكعب من المياه يوميًا.

"الترعة المعلقة" بالدالتا الجديدة 

وساهمت شركة "توروشيما" اليابانية في المشروع بتوريد مضخات عملاقة تُعد الأقوى عالميًا، ويُتوقع تسجيلها في موسوعة غينيس، وتُستخدم لضخ 3 ملايين متر مكعب يوميًا عبر محور الضبعة، إلى جانب المياه المتدفقة إلى محطة الحمام.

مضخات المياة العملاقة 
مضخات المياة العملاقة 

 

تكامل زراعي وصناعي

وتضمن المشروع بنية تحتية متقدمة تشمل نظم ري ذكية، وشبكات ري محوري وتنقيط، ومركز تحكم ذكي لتوزيع المياه، بالإضافة إلى مجمعات زراعية صناعية لتحويل المحاصيل إلى منتجات قابلة للتصدير.

دعم سياسي شامل

في السياق ذاته، شدد الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال اجتماع مع الحكومة، على أهمية التنسيق بين أجهزة الدولة لتعزيز الأمن الغذائي، وتحديد المساحات التي سيتم زراعتها بمحاصيل استراتيجية في الدلتا الجديدة. كما تم التأكيد على توافر الاحتياطي الإستراتيجي من السلع الأساسية، بما يشمل 3.4 مليون طن من القمح، و192 ألف طن من الزيوت الخام، إلى جانب اللحوم والدواجن المجمدة.

تم نسخ الرابط