عاجل

الجيش الليبي أمام اختبار الحسم: هل تنتهي فوضى الميليشيات في طرابلس ؟

الجيش الليبي
الجيش الليبي

في ظل التصعيد العسكري المتنامي في العاصمة الليبية طرابلس، يتزايد الغموض حول موقف الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وسط تساؤلات عن احتمالية تدخله لحسم صراع الميليشيات الذي يهدد استقرار المنطقة الغربية.

وتشهد طرابلس منذ أسابيع تحركات عسكرية مكثفة من جانب حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، التي تسعى لتعزيز مواقعها تحسبًا لأي مواجهة محتملة مع جهاز الردع التابع لعبد الرؤوف كارة، وسط توترات آخذة في التفاقم.

مؤشرات على تدخل محتمل

اتجهت الأنظار إلى الجيش الوطني الليبي بعد صدور بيان عن لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب، دعا إلى إخراج كافة التشكيلات المسلحة من العاصمة وتسليم أسلحتها. واعتبر مراقبون أن هذا البيان يحمل دلالة واضحة على احتمال تحرك وشيك من الجيش.

رؤية استراتيجية يقودها صدام حفتر

وفي هذا السياق، أشار المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، في تصريحات صحفية، إلى أن الجيش الليبي يتبنى منذ أكثر من عام استراتيجية جديدة تهدف إلى استعادة السيادة الوطنية وإنهاء التبعية والفساد، الذي تكرس نتيجة حكومات متعاقبة بعد 2011. وأضاف أن هذه الحكومات سلّمت القرار السياسي والعسكري لميليشيات وقوى خارجية، مقابل استمرارها في السلطة.

ووفق المرعاش، فإن الفريق صدام حفتر هو من يقود هذه الاستراتيجية، وتمكّن من إحداث اختراقات دبلوماسية هامة، كان أبرزها تحييد الدور التركي في غرب ليبيا، من خلال إعادة صياغة العلاقة مع أنقرة بناءً على المصالح المشتركة، الأمر الذي انعكس بتراجع موقف تركيا من دعم حكومة الدبيبة.

وأوضح أن جهود صدام حفتر لم تقتصر على تركيا، بل شملت أيضًا دولاً أوروبية وأفريقية، من بينها إيطاليا وفرنسا وتشاد والنيجر، فيما وصفه بـ"استراتيجية الحزام الصحراوي"، التي تهدف لتطويق أي نفوذ خارجي يعرقل مسار الدولة الليبية.

الرهان على النفس الطويل

وأكد المرعاش أن الجيش الليبي ينتهج حالياً سياسة "النفس الطويل"، عبر تحركات غير مباشرة وعلاقات إقليمية ودولية تستهدف تقليص التأثير السلبي لقوى خارجية تتدخل في الشأن الليبي، عبر دعم الميليشيات واستخدام البلاد كورقة ضغط لتحقيق مصالحها.

وقال إن هذا النهج يفسّر صمت القيادة العامة للجيش الوطني تجاه ما يجري في طرابلس، مشددًا على أن "التحرك العسكري ليس دائمًا هو الخيار الأول، خصوصًا في ظل استراتيجية تعتمد على استنزاف الخصوم سياسيًا ودبلوماسيًا".

وتابع المرعاش: "ما يخطط له اليوم من قبل الجيش هو إعادة توازن المعادلة الداخلية، وتحقيق واقع جديد يُفضي إلى استقرار دائم، بعيدًا عن منطق الصدام المباشر". 

ولفت إلى أن الميليشيات المسيطرة على طرابلس لن تتمكن من الصمود طويلاً أمام الجيش إذا ما تم تحييد الداعمين الدوليين لها، مؤكدًا أن المؤسسة العسكرية في أعلى مستويات الجاهزية منذ سنوات.

عقبات في الطريق

لكن هذا الطرح يقابله تشكيك من محللين آخرين. إذ يرى الخبير السياسي الليبي حمد الخراز أن الجيش يواجه تحديات خارجية جدية تمنعه من التدخل بشكل مباشر في طرابلس، مستذكرًا تجربته عام 2019، حين تعثرت العملية العسكرية نحو العاصمة بفعل تدخلات قوى دولية نافذة.

وقال الخراز في تصريحات صحفية، إن الجاهزية العسكرية لا تعني القدرة على الحسم ميدانياً، ما لم يكن هناك توافق دولي أو على الأقل حياد القوى الكبرى، موضحًا أن الجيش قد يلجأ إلى الضغط غير المباشر، عبر تحريك قوات موالية له في محيط العاصمة، وتضييق الخناق على حكومة الدبيبة دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة.

وأشار إلى أن الاستراتيجية المقبلة قد تركز على منع اندلاع حرب أهلية في طرابلس، من خلال احتواء الصراع عبر التحركات السياسية والميدانية المحدودة.

تم نسخ الرابط