عاجل

كيف نغتنم ساعة الاستجابة يوم الجمعة؟ العلماء يوضحون

ساعة الاستجابة
ساعة الاستجابة

إن من أعظم ما أكرم الله به أمة نبيّه محمد ﷺ أن جعل لها في كل أسبوع يومًا مميزًا، يتنزّل فيه الخير، وتُفتح فيه أبواب السماء، وتُستجاب فيه الدعوات، ألا وهو يوم الجمعة.وفي هذا اليوم ساعةٌ مباركة لا يُصادفها عبدٌ مسلم يدعو الله فيها بخير، إلا استجاب الله له، كما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ:“فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه” (رواه البخاري ومسلم).

لكن تبقى التساؤلات: وما هي أهم الأعمال التي يجب أن نحرص عليها في هذه الساعة المباركة ؟

1. معرفة وقت ساعة الاستجابة

من الأمور المهمة التي تُعين المسلم على اغتنام هذه الفرصة، أن يعرف مواقيتها المحتملة. وقد ورد في ذلك عدة أقوال عن الصحابة والعلماء، وأشهرها قولان متواتران:
• القول الأول: أنها تقع في آخر ساعة من يوم الجمعة قبل غروب الشمس، أي في الوقت الممتد بين صلاة العصر والمغرب، وهو قول كثير من الصحابة، كعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وأبي هريرة رضي الله عنهم.
• القول الثاني: أنها بين صعود الإمام المنبر لصلاة الجمعة إلى انقضاء الصلاة، وهو ما رجحه الإمام النووي وابن القيم وغيرهم، مستندين إلى حديث في الصحيح.

ولأن اليقين بتحديد الساعة غير ممكن، فقد أجمع العلماء على استحباب تحري كلا الوقتين، فالدعاء فيهما أرجى للقبول، وأقرب إلى التوفيق. ورب دعوة تُقال في آخر ساعة من نهار الجمعة، تكون سببًا في تفريج كربة، أو هداية ولد، أو شفاء مريض، أو فتح باب من أبواب الرزق.

2. الإكثار من الدعاء في هذه الساعة

الدعاء هو مفتاح كل خير، وسلاح المؤمن الذي لا يُقهر.
في هذه الساعة المباركة، لا تجعل لسانك يملّ من الدعاء، ولا قلبك يكسل عن الرجاء. اجلس مع نفسك بعد العصر، في خلوة مع الله، بعيدًا عن ضجيج الدنيا، وقل له ما في قلبك، وافتح له أبوابك المغلقة.
• اطلب منه رزقًا طيبًا، وصلاحًا في النفس والأهل.
• اسأله أن يُزيل همك، ويشرح صدرك، ويغفر ذنبك، ويهدي قلبك.
• لا تستصغر دعواتك، فإن الله لا يستهين بشيء يُطلب منه.

وتذكّر: لا شيء من دعائك يضيع، فإما أن يُستجاب، أو يُدخر لك، أو يُصرف عنك به شر كنت لا تعلمه.

 3. تحرّي آداب الدعاء

للدعاء آداب عظيمة، إذا التزم بها العبد، كانت أدعى للقبول، وأقرب للإجابة، ومنها:
• الإخلاص في الدعاء: فلا تدعُ عادةً أو رياءً، بل استحضر قلبك، واستشعر فقرَك إلى الله.
• التيقن بالإجابة: لا تترك في قلبك موضعًا للشك، فربك كريم، وقدير، ويُحب أن يُسأل.
• البدء بالصلاة على النبي ﷺ: فإن الدعاء المبتدأ والمختوم بالصلاة عليه أرجى وأكمل.
• الثناء على الله: مجّد ربك بأسمائه وصفاته، واذكر نعمه عليك قبل أن تسأله حاجتك.
• الإلحاح: لا تتعجل النتيجة، وكرّر دعاءك بتضرع وخشية، فإن الله يحب الملحين.

 4. الوضوء واستقبال القبلة ورفع اليدين

من السنة أن يكون المسلم على طهارة حين يدعو، وأن يستقبل القبلة إن أمكن، وأن يرفع يديه بالدعاء، كما ثبت عن النبي ﷺ.
وهذه الهيئات الجسدية لها أثر في النفس، فهي تعبير عن الذل والخضوع لله، وتُعين القلب على استحضار عظمة من يناجيه.

 5. الاجتهاد في يوم الجمعة كله

لا تقتصر في عبادتك على تلك الساعة فقط، بل احرص أن يكون يوم الجمعة كله مشحونًا بالذكر والطاعات، فهو يوم مبارك، قال النبي ﷺ:

“خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة.” (رواه مسلم)

ومن السنن والمستحبات في هذا اليوم:
• الاغتسال والتطيب ولبس أحسن الثياب.
• المشي إلى المسجد مبكرًا، والجلوس فيه بنيّة الاعتكاف.
• قراءة سورة الكهف، لما فيها من نور يمتد من الجمعة إلى الجمعة.
• كثرة الصلاة على النبي ﷺ، فهي من أعظم القربات.
• الإنصات للخطبة، وعدم العبث أو الانشغال عنها.

هذه الأعمال تُهيئ القلب وتُطهّره، وتجعله مستعدًا للدعاء الصادق والاتصال القوي بالله.

 6. الاستغفار مفتاح الفرج

من الذكر الذي يُستحب الإكثار منه في يوم الجمعة الاستغفار، فهو باب الرحمة، وطريق الرزق، ومفتاح القلوب.

قال الله تعالى:

“فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا” [نوح: 10-11]

ابدأ دعاءك بالاستغفار، وكرّره كثيرًا، فهو يُزيل الغشاوة عن القلب، ويُطهّر النفس، ويُمهّد لدعائك أن يُرفع بلا حجاب.

 7. الصلاة على النبي ﷺ مفتاح القبول

يوم الجمعة هو أفضل الأيام للصلاة على رسول الله ﷺ، وقد أوصانا بذلك النبي حين قال:

“إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة… فأكثروا علي من الصلاة فيه، فإن صلاتكم معروضة علي.” (رواه أبو داود )

تأمّل: “معروضة علي”… أي أن اسمك يُبلّغ إلى الحبيب المصطفى ﷺ، وأن صلاتك وسلامك عليه يُرفعان إليه.

فلا تفوّت هذا الشرف العظيم، وأكثر من الصلاة عليه في كل وقت من الجمعة، فهي مفتاح لكل خير، ووسيلة لاستجابة الدعاء، وبركة في العمر والعمل

تم نسخ الرابط