عاجل

ما بين موراغ وماجن عوز.. تناقضات إسرائيلية تهدد فرص الوصول لاتفاق في غزة (خاص)

السفير رخا أحمد حسن،
السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق

على الرغم من إعلان إسرائيل تقديم خرائط انسحاب جديدة من قطاع غزة، والتنازل عن السيطرة على محور موراغ، ما يُوحي بأن هناك انفراجة حقيقية في المفاوضات، إلا أن ما أعطته إسرائيل بيد، أخذته باليد الأخرى؛ إذ أعلنت عن إنشاء محور جديد أُطلق عليه “ماجن عوز” يفصل شرق مدينة خان يونس عن غربها.

التنازل عن المسروق للإيهام بأنه تنازل

وبهذا الصدد، قال السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الاستراتيجية الإسرائيلية منذ قيامها وحتى الآن تتمثل في استيلائها على ما ليس لها، ثم التفاوض عليه، وتزعم أن ما ليس لها، عندما يعود إلى أصحابه، يكون “تنازلًا”.

وأضاف “حسن”، خلال حديث مع “نيوزروم”، أن إسرائيل تقوم بعملية خداع وتضليل، لا سيما بعد إعلان التنازل عن موراغ، في حين أنها أنشأت محورًا آخر، بينما تتمثل نقاط الخلاف التي تعرقل الاتفاق في مناطق الانسحاب من القطاع خلال الهدنة.

وقد أنشأت إسرائيل، منذ بداية الحرب على قطاع غزة، 6 محاور، هي: فيلادلفيا، على الحدود مع مصر، وكيسوفيم الذي يفصل خان يونس عن رفح، ومحور موراغ الذي يمتد من الشرق إلى الغرب بين مدينتي رفح وخان يونس، والذي كانت تريد إسرائيل حشر الفلسطينيين فيه لإقامة “مدينة الخيام” (التي أكد السفير رخا أحمد حسن أن مصر ترفضها شكلًا وموضوعًا، لا سيما وأنها تعني أن الـ700 ألف فلسطيني الذين كان من المزمع أن تحويهم المدينة، لن يعودوا إلى مدنهم، وبانتظار التهجير ليحل محلهم الإسرائيليون، إلا أن تلك النقطة تم تجاوزها بعد أن أعلنت إسرائيل التنازل عنه)، ومحور نتساريم الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه، ومحور مفلاسيم الذي يفصل شمال غزة ومدنها بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا عن مدينة غزة، وآخرهم محور “ماجن عوز”.

وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، أنه للحديث عن أي انفراجة في مفاوضات غزة، يجب على إسرائيل الانسحاب من تلك المحاور، وبخاصة محور نتساريم، الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه، ويمثل عائقًا أمام عودة الفلسطينيين إلى أطلال منازلهم المدمرة.

وشدد “رخا” على أن ما يجري حاليًا في قطاع غزة هو محاولة إسرائيلية لجعل ما قاله رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو حقيقة، وهو السيطرة الأمنية الكاملة على قطاع غزة، سواء في وقف إطلاق نار مؤقت أو دائم، مشيرًا إلى أن نتنياهو تعهّد في وقت سابق بالعودة للقتال بعد الهدنة.

نتنياهو يرد العودة للقتال بعد الهدنة

ورفض رخا اعتبار تصريحات نتنياهو بالعودة للقتال تأتي لطمأنة اليمين المتطرف الإسرائيلي، أو أنها لاعتبارات سياسية تهدف إلى الحفاظ على ائتلاف نتنياهو الحاكم، قائلًا: إن كل ما ينطق به رئيس وزراء إسرائيل، باعتباره صاحب أعلى منصب في الكيان الإسرائيلي، يجب أن يُؤخذ بكل جدية، ويُحاسب عليه، لا سيما وأنه، خلال اتفاق يناير الماضي، أعلن نيته نقض الاتفاق حتى قبل توقيعه، وفعل ذلك في المرحلة الأولى، وهو ما حدث بالفعل.

إلى ذلك، فإن بعض الغزيين الذين تواصلت معهم “نيوزروم” وصل بهم اليأس إلى قبولهم أن تكون الهدنة المقبلة مؤقتة فقط، لالتقاط الأنفاس وتلبية احتياجاتهم الإنسانية، والعيش آمنين ولو لشهرين فقط.

وعبّر من تحدثنا معهم عن أملهم في أن تقبل المقاومة الفلسطينية بالاتفاق، حتى لو كان مؤقتًا، وبهذا الصدد قال رخا إن العملية يجب أن تكون متكاملة، ولا يمكن للمقاومة عقد اتفاق تُسلّم فيه أسرى، ما يعني خسارة أوراق ضغط أخرى، ثم تعود إسرائيل للقتال بعد شهرين.

وأكد رخا أن تلبية الاحتياجات الإنسانية من مأكل ومشرب وعلاج للفلسطينيين في قطاع غزة، هي مسؤولية الدول العربية، التي مواقفها واهنة، مشددًا على أن دورها يتمثل في الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، ويجب أن تهدّد بمعاقبة إسرائيل بكل ما أُوتيت من قوة ووسائل.

وتابع: “في هذه الحالة وحدها ستدخل إلى القطاع شاحنات المساعدات وتنتهي الأزمة الإنسانية والمجاعة المتفشية، أما المواقف الحالية التي تكتفي ببيان فلن تأخذ بها إسرائيل، ولن تعيرها أي اهتمام”.

تلاقي في المواقف بين الولايات المتحدة وإسرائيل

وعن لقاء رئيس الوزراء القطري برئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب، وما قد ينتج عنه من انفراجة في المفاوضات، قال “رخا” إن هناك مشكلة متمثلة في التلاقي التام بين إدارة ترامب وترامب ذاته مع حكومة إسرائيل، ولا يزال في ذهنهم تهجير الفلسطينيين، وتحويل غزة إلى “ريفيرا الشرق الأوسط” كما يحلم ترامب.

وأكد أن شلال الدماء المستمر في قطاع غزة، واستمرار الحرب حتى الآن، ناجم عن ضمان إسرائيل عدم تعرضها للمحاسبة، وغياب المواقف العربية والإقليمية والدولية الرادعة لها.

وحمل رخا مسؤولية ما يحدث في قطاع غزة للدول العربية، قائلًا: “إن إسرائيل، منذ إدارة بايدن، تعلم أنه لن تكون هناك أي دولة عربية تقدّم مساعدات عملية للمقاومة الفلسطينية، وهو ما نجم عنه حصار القطاع بالكامل، وتستمر عملية الإبادة لسكانه بشكل يومي.

تم نسخ الرابط