ما حكم الدفن ليلًا؟.. دار الإفتاء توضح الحكم والضوابط

أوضحت دار الإفتاء المصرية على اتفاق أهل العلم على جواز دفن الميت ليلًا، وهو أمر مشروع لا حرج فيه شرعًا؛ كما نقل الشيخ الحطاب المالكي في كتابه “مواهب الجليل في شرح مختصر خليل” (2/221) عن “النوادر”، وذكر أن الإمام النووي صرّح بأن في دفن السيدة فاطمة الزهراء رضي الله عنها ليلًا دليلًا على الجواز، وهو أمرٌ لا خلاف فيه بين العلماء، غير أن الدفن في النهار يُعدّ أفضل عند عدم وجود عذر.
وقد عبّر بعض الفقهاء عن كراهة الدفن ليلًا مع عدم تحريمه، استنادًا إلى ما رواه الإمام مسلم في صحيحه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر رجلًا من أصحابه تُوفي وكُفِّن في كفن لا يليق، ودفن ليلًا، فأنكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك، وقال: «إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ»، ونهى عن الدفن ليلًا إلا لعذر.
لكن جمهور العلماء من السلف والخلف، كما بيّن الإمام النووي في “شرحه على مسلم” (7/11)، ذهبوا إلى أن الدفن ليلًا غير مكروه في ذاته، واستدلوا بما ورد من دفن عدد من الصحابة ليلًا، كأبي بكر الصديق رضي الله عنه، والمرأة السوداء، والرجل الذي كان ينظف المسجد، ولم يُنكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم دفنهم ليلًا، بل إن إنكاره في الحديث كان لترك الصلاة على الميت، أو الإساءة في تكفينه، أو لقلة حضور الناس، وليس لخصوص وقت الدفن.
وعليه، فإن الدفن في الليل جائزٌ لا حرج فيه، خاصة إذا اقتضت الضرورة أو المصلحة ذلك، ومع هذا فإن تأخير الدفن إلى النهار –عند عدم المشقة أو الضرر– من باب الأفضلية؛ لما فيه من تكثير عدد المصلين والمشيِّعين، مما يعود بالنفع والثواب على الميت
سنن وآداب دفن الميت :
أولًا: السنن عند إدخال الميت القبر
1. الدفن في اللحد:
• اللحد أفضل من الشق، وهو أن يُحفر في جانب القبر حفرة توضع فيها الجنازة.
• قال النبي ﷺ: «اللَّحدُ لنا، والشَّقُّ لغيرِنا» – رواه أبو داود.
2. إدخال الميت من جهة قدمي القبر (إن تيسر ذلك).
3. قول: “بسم الله وعلى ملة رسول الله” أثناء إدخال الميت:
• عن عبد الله بن عمر قال: كان رسول الله ﷺ إذا وضع الميت في القبر قال: «بسمِ اللهِ، وعلى سُنَّةِ رسولِ اللهِ» – رواه أبو داود.
4. وضع الميت على شقه الأيمن، ووجهه باتجاه القبلة.
ثانيًا: السنن بعد دفن الميت
1. تسوية القبر ورفعه بمقدار شبر تقريبًا:
• دون تزيين أو بناء عليه، ولا كتابة، كما ورد في السنة.
2. تلقين الميت بعد الدفن:
• يُستحب أن يُقال عند القبر بعد الدفن:
“يا فلان ابن فلانة، اذكر ما خرجت عليه من الدنيا: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله…”.
• وقد فعله بعض الصحابة، وهو رأي عند الشافعية وبعض المالكية.
3. الوقوف عند القبر والدعاء للميت:
• قال النبي ﷺ: «استغفروا لأخيكم، وسلوا له التثبيت؛ فإنه الآن يُسأل» – رواه أبو داود.
ثالثًا: آداب عامة في الدفن
1. الإسراع بالجنازة:
• لقوله ﷺ: «أسرعوا بالجنازة، فإن تكُ صالحة فخير تقدمونها إليه» – متفق عليه.
2. السكينة وعدم رفع الصوت عند القبر:
• لا يُرفع الصوت بالبكاء، ولا بالكلام الدنيوي.
3. عدم الجلوس على القبور أو وطئها:
• قال النبي ﷺ: «لَأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده، خير له من أن يجلس على قبر» – رواه مسلم.
4. عدم التبرك بالقبور أو التمسح بها:
• هذا من البدع التي نهى عنها العلماء