جيسوس على دكة النصر.. البرتغالي يفتح الدفاتر القديمة في عرين الغريم

لم يكن أكثر المتابعين تفاؤلًا أو خيالًا ليتنبأ بأن تعود أقدام جورجي جيسوس إلى الملاعب السعودية من بوابة “العالمي”، النصر، الفريق الذي طالما وقف على الجهة الأخرى من حربه التكتيكية حين كان على رأس القيادة الزرقاء للهلال.
المدرب البرتغالي الذي رسم مجدًا لا يُمحى في ذاكرة أنصار الزعيم، يعود اليوم ليكتب فصلًا جديدًا من المنافسة من المقلب الآخر للعاصمة. مشهد درامي بامتياز، يشبه تبدل الألوان في أعلام الحرب: من الأزرق إلى الأصفر، لكن القلب لا يزال محتفظًا بشيء من سطور الماضي.
رحيل جيسوس عن الهلال، رغم ما حققه من إنجازات، لم يكن نهاية طبيعية لقصة النجاح. طريقة مغادرته تركت جرحًا مفتوحًا، وربما شعورًا داخليًا بأن شيئًا لم يُكتمل. وها هو الآن يعود، لا ليبدأ من جديد، بل ليواصل بطريقته الخاصة.
جيسوس لا يعود إلى الدوري السعودي كمدرب فقط، بل كخصم سابق يحمل مفتاح تفكيك الهلال، وخريطة نقاط ضعفه وقوته، في تحدٍّ يبدو شخصيًا بقدر ما هو فني. على مقعد النصر الأصفر، سيقود المدرب المخضرم كتيبة تتوق للانقضاض على الزعيم، بأدوات ربما صاغها في السابق بنفسه.
ما حققه جيسوس مع الهلال ليس مجرد أرقام؛ بل شهادة على هيمنته الفنية. خلال 120 مباراة، فاز في 96، وتعادل في 14، وخسر 10 فقط، بنسبة فوز تجاوزت 80%، وسجل لاعبوه 342 هدفًا واستقبلوا 114، في تجسيد لمدرسة هجومية هجومية لم تعرف الرحمة.
أما في مواجهاته المباشرة أمام النصر، فريقه الحالي، فقد واجهه 8 مرات، فاز في 4 منها، وتعادل في 3، وخسر واحدة فقط. وفي تلك اللقاءات، سجّل الهلال معه 20 هدفًا وتلقى 14، وحقق لقبين مهمين على حساب “العالمي”، أبرزها نهائي كأس الملك 2024، ونهائي السوبر السعودي بنتيجة ثقيلة 4-1.
اليوم، يعود الرجل ذاته ليقود النصر، في تحدٍ تتداخل فيه الحسابات الفنية بالنفسيات الجريحة. فإدارة الهلال استغنت عنه رغم الذهب، والنصر يعيد تقديمه كوجه للتجديد وكابوس للغريم، في محاولة لاستعادة الهيمنة المحلية، وربما القارية.
الإدارة النصراوية تراهن على “المعرفة المؤلمة” التي يحملها جيسوس، وعلى صلابته في التعامل مع غرفة ملأى بالنجوم، على رأسهم كريستيانو رونالدو، الذي لعب دورًا في إقناع مواطنه بالعودة.
التعاقد مع جيسوس ليس مجرد صفقة فنية؛ بل خطوة استراتيجية لتفكيك منظومة الهلال من الداخل، وتغيير قواعد الصراع الكروي في المملكة. ومع شخصية تؤمن بالمشاريع طويلة الأمد، فإن النصر يفتح صفحة جديدة مع رجل خبر الأدغال الزرقاء، ويعود ليُقاتل تحت راية صفراء.
المهمة صعبة.. لكن إن نجح، سيكتب جيسوس تاريخًا جديدًا، ليس كمدرب هلالي سابق، بل كقائد نصراوي أدار ظهره لماضيه، وابتسم في وجه المستقبل