تفاصيل الـ24 ساعة الأخيرة.. ماذا يحدث في السويداء؟|تقرير

منذ انهيار سيطرة النظام السوري في عدد من المحافظات بعد 2011، بقيت السويداء حالة استثنائية؛ إلا أن الجيش السوري لم يدخلها بكشل فعلي، وظلت العلاقة بين المدينة ودمشق ترتكز على اتفاقات جزئية تسمح بوجود رمزي للسلطة المركزية عبر محافظين وقيادات أمنية، مقابل بقاء القرار الأمني والعسكري بيد الفصائل المحلية.
وخلال الأشهر الماضية، قاد الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز، الشيخ حكمت الهجري، مواقف حادة ضد حكومة دمشق، وصلت إلى تبادل اتهامات علنية، واصفاً الحكومة بـ"الإرهابية"، في حين اتهمته شخصيات محسوبة على دمشق بأنه "يستجدي الانفصال ويتودد لإسرائيل"، مما أدت تلك التصريحات في تعميق أزمة الثقة، وأوجدت بيئة شديدة الاحتقان.

شرارة الاشتباكات
بدأت الأزمة الأمنية الأخيرة بعملية سطو مسلح وخطف على طريق رئيسي في السويداء، نُسبت إلى أفراد من عشائر البدو. وردت عائلة الضحية بعملية اختطاف مضادة استهدفت أفراداً من البدو، ما أدى إلى اشتعال مواجهة مسلحة واسعة النطاق.
تدخل الجيش
وسرعان ما أعلنت وزارتا الداخلية والدفاع في دمشق،خلال أقل من 24 ساعة، التدخل لـ"فض الاشتباك" بناءً على طلب الأهالي. ومع انتشار الجيش على أطراف المدينة، اندلعت اشتباكات عنيفة بالتزامن مع خطاب طائفي متصاعد، وظهور مقاطع فيديو مثيرة للقلق تُظهر إهانة عناصر أسرى من الطرفين.
وفي خضم التصعيد، صدرت عدة بيانات من شيوخ العقل ووجهاء السويداء تدعو للتهدئة، ورحبت بتدخل الدولة ومؤسساتها. لكن سرعان ما خرج الشيخ حكمت الهجري لينفي موافقته على البيان، موضحاً أنه تم توقيعه تحت الضغط، وداعياً إلى مواصلة القتال.

انتهاكات وغضب شعبي
وفي الوقت نفسه، انتشرت مقاطع مصورة لعناصر مسلحة تردد شعارات طائفية، كما وردت أنباء عن انتهاكات لحقوق المدنيين، وسط فوضى أمنية استدعت إعلان وزارة الدفاع وقفاً لإطلاق النار، ونشر الشرطة العسكرية لتأمين الممتلكات، مع تسليم ملف الحواجز الأمنية للأمن العام بعد تمشيط المدينة ونزع السلاح منها.
الشرع يوجه باتخاذ إجراءات فورية
في تطور لاحق، كلف الرئيس السوري أحمد الشرع الجهات الرقابية باتخاذ إجراءات فورية بحق كل من ارتكب تجاوزات خلال المواجهات. وأكدت وكالة "سانا" الرسمية سقوط عدد من عناصر الجيش السوري خلال محاولتهم وقف القتال.
إسرائيل تدخل على الخط وتقصف السويداء
في تحرك مفاجئ، شنت إسرائيل غارات جوية على مواقع في السويداء بعد ساعات من إعلان الجيش السوري دخوله المدينة. وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، جاء القصف بأوامر من نتنياهو ووزير الدفاع يسرائيل كاتس، "لحماية الدروز" في سوريا ومنع وصول أسلحة إيرانية أو حكومية إلى المنطقة.
من جهتها، نقلت وسائل إعلام عبرية عن مسؤول أمريكي أن واشنطن طلبت من تل أبيب وقف الهجمات جنوب سوريا، وهو ما وعدت به إسرائيل. فيما أعلن المبعوث الأمريكي الخاص لسوريا، توماس باراك، أن الولايات المتحدة منخرطة في جهود تهدئة ودفع نحو مناقشات بنّاءة بشأن مستقبل السويداء والاندماج السياسي.
ارتفاع ضحايا اشتباكات السويداء إلى 248
أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، اليوم الأربعاء، ارتفاع حصيلة القتلى جراء الاشتباكات التي شهدتها محافظة السويداء جنوب سوريا إلى 248 قتيلاً، في واحدة من أعنف المواجهات التي شهدتها المنطقة مؤخراً.
وكان المرصد قد أفاد أمس الثلاثاء، بارتفاع حصيلة القتلى نتيجة الاشتباكات في السويداء جنوبي سوريا إلى 224 شخصاً منذ اندلاع أعمال العنف بين فصائل درزية ومسلحين من البدو والقوات الحكومية في المحافظة.
السويداء بين مطرقة دمشق وسندان التدخلات الخارجية
تعيش محافظة السويداء اليوم لحظة مفصلية وحساسة في تاريخها، حيث تتشابك الخلافات الداخلية، مع صراع النفوذ الإقليمي، والانقسام الحاد بين القوى المحلية وحكومة دمشق. ومع تصاعد التدخل الإسرائيلي والأمريكي، بات مستقبل المحافظة رهيناً لمعادلات أكبر من مكوناتها الداخلية.