عاجل

ماذا يفعل المسافر في الطائرة إذا خشي فوات وقت الصلاة المفروضة؟

الطائرة
الطائرة

قالت دار الإفتاء أن الصلاة على متن الطائرة صحيحة متى توفرت أركانها وشروطها. فإن استطاع المصلّي أداءها قائمًا بركوعٍ وسجودٍ وجب عليه ذلك، وإن لم يقدر صلّى جالسًا، ويكتفي بالإيماء إن عجز عن الركوع أو السجود. أما جهة القبلة فتُعرف بالوسائل المتاحة، كالأدوات الملاحية أو بسؤال طاقم الطائرة.

وإذا كان الراكب يعلم أن الطائرة ستهبط قبل خروج وقت الصلاة بمدة تكفي لأدائها على الأرض، أو قبل انتهاء وقت الصلاة الثانية عند الأخذ برخصة الجمع للمسافر، فالأفضل له أن يؤخر الصلاة حتى يصل ويؤديها على الأرض؛ لما في ذلك من تمام الخشوع وإقامة الصلاة على هيئتها الكاملة.

حكم الصلاة في الطائرة وأقوال العلماء فيها

ظل حلم الطيران يراود الإنسان منذ القدم، وظهرت إشارات لذلك في حضارات قديمة، بل حتى في بعض الكتابات داخل التراث الإسلامي. وتُعَدُّ محاولة عباس بن فرناس في القرن الثالث الهجري من أوائل التجارب التي سعى فيها الإنسان إلى الطيران باستخدام أداة صناعية. ثم جاء بعده عدد من المحاولات، حتى ظهرت رسومات ليوناردو دافنشي في القرن السادس عشر، ثم اختُرِع المنطاد في القرن الثامن عشر، وبعد ذلك جاء اختراع الطائرة على يد الأخوين رايت عام 1903م، لتبدأ مرحلة جديدة تطورت فيها صناعة الطيران بشكل مذهل حتى يومنا هذا.

ومع ظهور الطائرات – وكذلك المناطيد – بدأ الفقهاء يبحثون في الأحكام الشرعية المتعلقة بها، ومن أبرزها: حكم أداء الصلاة فيها أثناء الطيران، إذ قد يضطر المسافر إلى الصلاة داخلها مع دخول وقت الفرض. وقد اختلف العلماء بين مثبت لصحة الصلاة فيها وقائل ببطلانها.

أقوال العلماء


• القائلون بالصحة: من بينهم الشيخ يوسف الدجوي كما نقل عنه الشيخ صالح الجعفري في الفتاوى الجعفرية، وكذلك الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في رسالته الإجابة الصادرة في صحة الصلاة في الطائرة.
• القائلون بالبطلان: منهم الشيخ إسماعيل الزين في رسالته إعلام الزمرة السيارة بتحقيق حكم الصلاة في الطيارة.

أدلة المانعين

استند المانعون إلى حديث النبي ﷺ: «جُعِلَت لي الأرض مسجدًا وطهورًا»، وقالوا: إن السجود لا يتحقق إلا بمباشرة الأرض أو ما يتصل بها مباشرة، وهو غير متوفر في الطائرة.

مناقشة هذا الرأي

الاستدلال بالحديث على البطلان غير مسلَّم؛ لأن الحديث يفيد الامتنان بجعل الأرض كلها مسجدًا، ولا يدل على قصر السجود عليها فقط، فالاستدلال هنا من باب “مفهوم اللقب” وهو غير معتبر عند الأصوليين.

أدلة القائلين بالصحة
1. التيسير ورفع الحرج: الأصل أن التكليف مرتبط بالقدرة، قال تعالى: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾ [البقرة: 286]، وقوله: ﴿فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ [التغابن: 16]. فإذا دخل وقت الصلاة على الراكب في الطائرة، فالمطلوب منه أداؤها بحسب استطاعته.
2. القياس على السفينة: فقد أجمع الفقهاء على صحة الصلاة فيها، سواء كانت ساكنة أو متحركة، والطائرة في الجو تشبه السفينة في البحر. وقد ورد في حديث ابن عباس أن النبي ﷺ قال عن الصلاة في السفينة: «صل فيها قائمًا إلا أن تخاف الغرق» (رواه الدارقطني).
3. النصوص الفقهية: الشافعية والحنابلة وغيرهم نصوا على صحة الصلاة في السفينة والزورق والأرجوحة والسرير المحمول، وكلها أماكن متحركة أو غير ملتصقة بالأرض مباشرة، مما يدل على أن الحركة أو الانفصال عن الأرض لا يبطل الصلاة.

دفع الاعتراضات
• الطائرة ليست ثابتة: يقال إن السفينة أيضًا تضطرب في البحر، ومع ذلك صحت الصلاة فيها، فالطائرة أولى بذلك.
• الارتفاع عن الكعبة وعدم التوجه المباشر إليها: اتفق الفقهاء على أن هواء الكعبة قبلة، فمن صلى فوقها على جبل أو في مكان عالٍ صحت صلاته، وكذلك من صلى في الطائرة مستقبلًا لجهتها.
• الجهل بالقبلة في الطائرة: هذا ليس مانعًا دائمًا؛ إذ يمكن معرفة الاتجاه عبر البوصلة أو سؤال طاقم الطائرة.

كيفية الصلاة في الطائرة
• الأصل أن يصلي المسلم قائمًا، ويركع ويسجد إذا استطاع.
• فإن عجز عن القيام صلى جالسًا، وإن عجز عن السجود اكتفى بالإيماء.
• الأفضل إذا كان وقت الهبوط قريبًا قبل خروج الوقت أن يؤخر الصلاة ليؤديها على الأرض خروجًا من الخلاف، لكن إن خشي فوات الوقت صلاها في الطائرة.

بناءا على ذلك
الصلاة في الطائرة صحيحة إذا أُديت بشروطها وأركانها، ويصلي الراكب قائمًا راكعًا ساجدًا إن قدر، أو جالسًا ومؤمئًا إن عجز. والقبلة يمكن تحديدها بوسائل الملاحة الحديثة أو بسؤال أهل الخبرة في الطائرة. وإن تيسر أداء الصلاة بعد الهبوط في وقتها فهو أولى وأحوط، وإلا أداها في الطائرة وتبرأ بها ذمته.

تم نسخ الرابط