مافضل وثواب دعاء المسلم لأخيه .. وهل يشترط أن يكون بظهر الغيب؟ الإفتاء تجيب

أوضحت دار الإفتاء أن دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب من الأعمال العظيمة التي حثّ عليها الإسلام، وهو من علامات المحبة الصادقة والإيمان الكامل؛ لأن الداعي لا يبتغي منه نفعًا دنيويًا أو مقابلًا ماديًا، وإنما يرجو به رضا الله وثوابه.
وقد وردت نصوص كثيرة تبين فضله، منها حديث النبي ﷺ:
«دعوةُ المسلمِ لأخيه بظهر الغيب مستجابة، عند رأسه ملكٌ موكَّل، كلما دعا لأخيه بخير قال الملك: آمين، ولك بمثل»، رواه مسلم
فضل دعاء المسلم لأخيه
حضّ الشرع الشريف على دعاء المسلم لأخيه، وبيَّن أن هذا الدعاء مستجاب بإذن الله؛ فقد روى عبد الله بن يزيد رضي الله عنه، عن الصنابحي، أنه سمع أبا بكر الصديق رضي الله عنه يقول: “إن دعاء الأخ لأخيه في الله عز وجل مستجاب”، أخرجه الإمام أحمد في الزهد، والبيهقي في شعب الإيمان، والبخاري في الأدب المفرد، وغيرهم.
وذكر العلامة القاري في مرقاة المفاتيح أن بعض السلف كان إذا أراد الدعاء لنفسه، بدأ بالدعاء لأخيه المسلم بمثل ما يريد، حتى يدعو له المَلَك بالمثل، فيكون ذلك أقرب للإجابة. ويتأكد استحباب الدعاء إذا كان في أوقات وأماكن فاضلة، فيزداد رجاء القبول والإجابة، ومن هذه الأوقات: ما بعد الصلوات المكتوبات، استنادًا لقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللهَ﴾ [النساء: 103]، وقول النبي ﷺ في حديث أبي أُمامة رضي الله عنه: «جَوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ، وَدُبُرَ الصَّلَوَاتِ الْمَكْتُوبَاتِ»، أخرجه الترمذي وحسنه، والنسائي في السنن الكبرى.
دعاء المسلم لأخيه بعد الصلاة
تبادل الدعاء بين المسلمين عقب الصلاة ليس أمرًا مبتدعًا، بل هو عادة جرى عليها عمل المسلمين قديمًا وحديثًا، وتوارثها الخلف عن السلف، ولم يعترض عليها إلا بعض المتشددين في هذا العصر، إمّا جهلًا أو قصورًا في فهم مقاصد الشريعة. وقد ذكر الإمام ابن بطة العكبري الحنبلي في كتابه الإبانة أن المسلمين كانوا إذا فرغوا من الصلاة أو الصيام أو الحج، دعوا الله بقبول أعمالهم، وتبادلوا الدعاء فيما بينهم، فيقولون: “تقبّل الله منا ومنك”، أو “غفر الله لنا ولك”، وكان ذلك دأبهم في سائر العبادات.
حكم قول “حرمًا” بعد الصلاة
لفظ “حرمًا” بعد الصلاة هو دعاء، ومعناه: أن يرزقك الله صلاةً في الحرم الشريف، أو أن يتقبل صلاتك كقبول الصلاة في الحرم، حيث تتضاعف الحسنات أضعافًا كثيرة. وتُنصب كلمة “حرمًا” على نزع الخافض، أو تكون نائبًا عن المفعول المطلق لبيان النوع.
وقد جرت العادة أن يرد السامع بقوله “جمعًا”، أي: جمعنا الله وإياك في الحرم، أو جمع الله لنا ولك القبول، وهو امتثال لقوله ﷺ: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»، متفق عليه.
وهذا النوع من الدعاء مستحسن شرعًا، وفيه إظهار المحبة بين المسلمين، والشوق إلى حرم الله ومقدساته، وحرصٌ على القبول والمغفرة.