حكم اشتراط مدة معينة في عقد الزواج.. هل يعد من نكاح المتعة؟

تقييد عقد الزواج بمدة محددة كأن يقول الزوج "تزوجتك شهرًا" يعد أمرًا محظورًا شرعًا، لأنه ينافي الأصل في الزواج بأن يكون مؤبدًا. هذا النوع من العقود يقع في حكم نكاح المتعة المنهي عنه، ولا يصح عقده في الإسلام، إذ يُبطل العقد ويخلّف آثارًا شرعية سلبية على الزواج والأسرة.
ما حكم اشتراط مدة معينة في عقد الزواج؟
أكدت دار الإفتاء المصرية أن الأصل في عقد الزواج أن يكون مطلقًا غير مقيّد بمدة زمنية، مشددةً على أن تقييد صيغة الزواج بمدة محددة، كأن يقول الزوج: "تزوجتك شهرًا"، يجعل العقد باطلًا شرعًا ولا ينعقد من الأصل، وفقًا لما قرره جمهور الفقهاء من مختلف المذاهب الإسلامية.
وأوضحت الدار في فتوى نُشرت عبر موقعها الرسمي أن هذا النوع من التقييد يجعل الزواج في حكم نكاح المتعة المحرم، مستشهدة بحديث سبرة الجهني رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا أيها الناس، إني قد كنت أذنتُ لكم في الاستمتاع من النساء، وإن الله قد حرَّم ذلك إلى يوم القيامة...» [رواه مسلم].
وأضافت دار الإفتاء أن من شروط عقد الزواج الصحيح أن يكون مؤبدًا لا مؤقتًا، إذ إن الغرض منه إقامة أسرة مستقرة قائمة على المودة والرحمة، لا علاقة مؤقتة تنتهي بانتهاء المدة، مشيرة إلى أن هذا هو ما عليه المذاهب الأربعة: الحنفية (عدا الإمام زفر)، المالكية، الشافعية، والحنابلة.
ونقلت الفتوى أقوال العلماء من كتب المذاهب المعتبرة، منها قول الإمام الكاساني الحنفي: "التأبيد من شروط النكاح، فلا يجوز النكاح المؤقت"، وكذلك ما ذكره الإمام الشافعي في "المهذب": "ولا يجوز نكاح المتعة، وهو أن يقول: زوجتك ابنتي يومًا أو شهرًا"، فضلًا عن ما أقره فقهاء الحنابلة والمالكية في ذات السياق.
وأشارت الدار إلى الفرق بين تقييد صيغة العقد بمدة - وهو ما يبطله جمهور الفقهاء - وبين اشتراط الطلاق بعد مدة معينة، حيث ترى الحنفية أن الشرط هنا باطل لكن العقد صحيح، لكون الطلاق لا ينفي التأبيد في صيغة العقد.
الزواج في الإسلام يتطلب النضج النفسي والقدرة المادية
قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن حديث النبي ﷺ «من استطاع منكم الباءة فليتزوج» الوارد في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، يُتلى في معظم عقود النكاح، وهو دعوة للشباب إلى الزواج عند توفر القدرة الشاملة على تحمّل أعبائه.
وأوضح الدكتور يسري جبر خلال حلقة برنامج "اعرف نبيك"، المذاع على قناة الناس، اليوم السبت، أن «الباءة» لا تقتصر على القدرة المالية أو البدنية فقط، بل تشمل أيضًا النضج النفسي، والصبر، وحسن الخلق، والقدرة على رعاية الأسرة ماديًا ومعنويًا.
الزواج في الإسلام ليس مجرد إنفاق أو إشباع غريزة
وبيّن الدكتور يسري جبر أن الزواج في الإسلام ليس مجرد إنفاق أو إشباع غريزة، بل هو مسؤولية متكاملة تتطلب طول البال، وسخاء النفس، والحرص على إسعاد الشريك وحماية الأسرة من التفكك. وحذّر من أن غياب هذه الصفات قد يجعل الزواج سببًا في فساد الدين وخسارة الآخرة، سواء من جانب الرجل أو المرأة.
وأضاف “جبر” أن النبي ﷺ خصّ الشباب بالخطاب لأن دوافعهم الغريزية أقوى، والزواج يعينهم على غض البصر وحفظ الفرج، لكنه لا يخلق العفة من العدم؛ بل يجب أن يُربَّى الفرد على العفة وضبط النفس منذ الصغر، ليأتي الزواج مكمّلًا لهذه الأخلاق.
كما أشار إلى أن الغريزة بين الرجل والمرأة نعمة إلهية، جُعلت سببًا لاستمرار النسل وتعمير الأرض، لكن لا بد من ضبطها بضوابط الشرع حتى تكون رحمة لا نقمة. وأكد أن الفقهاء القدامى فسّروا «الباءة» بالقدرة على النفقة والسكن، إلا أن المعنى أوسع ليشمل الاستعداد النفسي والأخلاقي لإدارة حياة زوجية ممتدة.
وأكد على أن الزواج الناجح يتطلب همّة عالية وقدرة متوازنة على العطاء المادي والمعنوي، مستشهدًا بقول النبي ﷺ: «من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج».