عاجل

آلية إسرائيلية لتنظيم إدخال البضائع لغزة: خطوة إنسانية أم تحكم أمني ؟

مؤسسة غزة الإنسانية
مؤسسة غزة الإنسانية

أعادت إسرائيل تفعيل آلية إدخال البضائع إلى قطاع غزة عبر تجار محليين، بديلاً عن اعتمادها على توزيع المساعدات من قبل المنظمات الأممية والدولية، في خطوة أثارت تبايناً في التقييم بين من رأى فيها بادرة تخفيف للجوع المتفاقم، ومن اعتبرها مناورة سياسية تهدف إلى تقويض دور المنظمات الإنسانية، وسط تصاعد الحديث عن توسيع العمليات العسكرية وإعادة احتلال أجزاء من القطاع.

وأوضح مكتب منسق أعمال حكومة الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية أن إدخال البضائع سيتم عبر عدد محدود من التجار، بناءً على "معايير محددة وتقييم أمني دقيق"، وتشمل المواد الغذائية الأساسية وأغذية الأطفال والفواكه والخضروات ومستلزمات النظافة، مع اشتراط الدفع فقط عبر التحويلات البنكية.

وتأتي هذه الآلية التي سبق أن فُعلت مرتين خلال الحرب ثم أوقفت، بدعوى "منع استفادة حماس"، في وقت تسود فيه حالة من الانهيار الإنساني، ونقص السيولة النقدية، وتضخم جنوني في أسعار السلع الأساسية.

300 شاحنة يومياً... وتغييب للمنظمات الدولية

كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن الغرض من هذا التوجه هو تقليل الاعتماد على مساعدات المنظمات الدولية، بعد فشل التعاون مع الأمم المتحدة، مشيرة إلى أن عدد الشاحنات سيرتفع إلى 300 شاحنة يومياً، مقارنة بـ200 في السابق.

ورغم الإعلان الرسمي، لم يتم رصد دخول كميات كبيرة من البضائع حتى ظهيرة الثلاثاء، باستثناء 6 شاحنات وصلت لصالح تجار في منطقة دير البلح بوسط غزة، لكنها بقيت مخزنة ولم تُعرض في الأسواق.

سياسة نقدية مشددة تعمّق أزمة السيولة

وتنص الآلية على أن عمليات الدفع ستكون فقط عبر التحويلات البنكية، دون ضخ سيولة نقدية، في محاولة - وفق المراقبين - للإبقاء على أزمة السيولة، ومنع تداول أوراق نقدية جديدة قد تستفيد منها حماس، أو تُستخدم في عمليات السوق السوداء.

هذا الإجراء، وإن حمل بعض الإيجابيات، إلا أنه جاء في ظل استمرار إغلاق البنوك، ومنع دخول أي كميات من الأموال النقدية، ما فاقم حاجة المواطنين لتطبيقات الدفع الإلكتروني، وسط عمولات باهظة يتقاضاها بعض التجار لقاء توفير السيولة، وصلت إلى 55%.

وقال رامي مقداد، موظف في السلطة الفلسطينية في تصريحات صحفية: "نعاني منذ شهور من صعوبة الحصول على النقد بسبب ارتفاع العمولة. إن تم الالتزام بالتعامل البنكي فقط، فربما نرى تحسناً بسيطاً في الوضع، لكن نحتاج رقابة حقيقية تمنع التلاعب بالأسعار".

وعبرت أريج الحلو، موظفة في مؤسسة اجتماعية، عن أملها في التزام التجار ببيع البضائع بالسعر الحقيقي: "هذه الخطوة إيجابية لو لم تتحول لوسيلة جديدة للربح على حساب جوع الناس".

أسعار فلكية وندرة خانقة

الوضع في الأسواق يُوصف بـ"الكارثي"، مع اختفاء الكثير من السلع الغذائية، وارتفاع غير مسبوق في أسعار الخضار والمنتجات المحلية، حيث بلغ سعر كيلو الطماطم 110 شيكل (32 دولاراً)، والبطاطس 60 شيكل (18 دولاراً). وبحساب عمولة تحويل السيولة، قد يدفع المواطن أكثر من 55 دولاراً فعلياً للحصول على كيلو طماطم.

وقال رأفت الخطيب، أحد سكان غزة، إن إدخال البضائع ولو عبر التجار خطوة ضرورية، مشيراً إلى أنه يخاطر يومياً بالتوجه إلى نقاط إسقاط المساعدات الجوية للحصول على أي غذاء لأسرته.

المجاعة مستمرة... وغياب للعدالة في توزيع المساعدات

ورغم التغييرات الجديدة، يستمر تسجيل الوفيات الناتجة عن الجوع وسوء التغذية، حيث أفادت التقارير الطبية بأن 8 حالات وفاة سُجلت خلال 24 ساعة، من ظهر الاثنين حتى الثلاثاء، من بينها طفل، ليرتفع إجمالي الوفيات بسبب المجاعة منذ بداية الحرب إلى 188، نصفهم من الأطفال.

كما أدى استمرار الفوضى في عمليات توزيع المساعدات، سواء تلك التي تدخل من المعابر أو تُسقط من الجو، إلى حرمان آلاف المستحقين منها، في ظل عجز المنظمات الإنسانية عن إيصال الإغاثة بأمان وانتظام.

تم نسخ الرابط