القوى السياسية اللبنانية تبحث صيغة توافقية لملف سلاح حزب الله

كشفت مصادر مطلعة لقناة "الجديد" اللبنانية عن وجود خلافات بين حزب القوات اللبنانية وحزب الله بشأن آلية تنفيذ حصرية السلاح في لبنان. حيث اقترح حزب القوات اللبنانية تكليف المجلس الأعلى للدفاع بوضع خطة تنفيذية واضحة تتضمن جدولاً زمنياً محدداً، لضمان تطبيق المهمة ضمن إطار زمني دقيق.
في المقابل، أبدى حزب الله تحفظه على إدخال الجدولة الزمنية، مفضلاً صيغة أكثر مرونة تعتمد على المجلس الأعلى للدفاع دون تحديد مواعيد نهائية.
وأوضحت مصادر مقربة من الحزب أن إدخال جداول زمنية صارمة يعكس استجابة مباشرة للضغوط والشروط الأمريكية والإسرائيلية، وهو ما يرفضه الحزب.
صيغة توافقية
وأشارت المصادر إلى وجود تبادل مستمر لمقترحات بين حزب الله والقصر الجمهوري عبر موفدين، بهدف الوصول إلى صيغة توافقية تؤكد حق الدولة في حصرية السلاح وفقاً للبيان الوزاري وخطاب القسم، مع السعي في الوقت ذاته إلى تفادي أية انزلاقات قد تهدد الاستقرار الداخلي.
يأتي هذا التباين في وجهات النظر في ظل مخاوف حزب الله من محاولات إسرائيل فرض شروط استسلام أكثر صرامة تتجاوز اتفاق وقف إطلاق النار الحالي، ما يجعل الوضع اللبناني حساساً ويستلزم حلولاً متوازنة تلبي طموحات جميع الأطراف وتضمن استقرار البلاد.

جدول زمني لتسليم سلاح حزب الله
من جانبه، أكد وزير الزراعة نزار هاني ضرورة فتح النقاش حول جدول زمني لتسليم السلاح، لكنه أشار في حديث لـ"الجديد" إلى عدم توقعه صدور أي قرار تصويت خلال جلسة يوم الثلاثاء.
وفي سياق متصل، كشف مصدر مطلع على موقف وزراء حركة أمل وحزب الله لـ"الجديد" أن هناك جهوداً مستمرة لمنع انفجار الحكومة خلال جلسة الثلاثاء، مع التزام المشاركة ضمن سقف البيان الوزاري وخطاب القسم، مؤكدًا أن المداولات لا تزال جارية لإيجاد صيغة مناسبة تضمن تفادي الانزلاق إلى مراحل غير محسوبة.
كما كشفت قناة "الجديد" اللبنانية أن الوزراء ياسين جابر ومحمد حيدر وجو رجي سيغيبون عن الجلسة بداعي السفر.
تخوفات في الشارع اللبناني من تكرار سيناريو 7 أيار
في هذه الأثناء، أعرب عدد من اللبنانيين عن خشيتهم من تكرار سيناريو أحداث 7 أيار أو مايو 2008، التي شهدت اشتباكات عنيفة في بيروت ومناطق جبل لبنان بين قوى المعارضة والموالاة، والتي تعتبر من أخطر المواجهات منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990.
خلفية أحداث 7 أيار 2008
اندلعت هذه الأحداث عقب صدور قرارين من مجلس الوزراء اللبناني يتعلقان بمصادرة شبكة اتصالات تابعة لسلاح الإشارة الخاص بحزب الله، وإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت العميد وفيق شقير، ما اعتبرته المعارضة تجاوزاً للبيان الوزاري الذي يدعم المقاومة.
ورأت المعارضة أن الحكومة آنذاك كانت "غير شرعية" بسبب خروجها عن ميثاق العيش المشترك، مما دفعها لاستخدام القوة لردع الحكومة قبل أن تتراجع الأخيرة عن قراراتها المثيرة للجدل.

وصدر بيان رسمي عن الحكومة برئاسة فؤاد السنيورة اعتبر شبكة الاتصالات التي أقامها حزب الله "غير شرعية وغير قانونية" وتمثل اعتداءً على سيادة الدولة والمال العام، مع إطلاق ملاحقات قضائية ضد جميع الأطراف التي تثبت مسئوليتها في إنشاء هذه الشبكة، مشيرة إلى وجود دور إيراني في ذلك.
كما قررت الحكومة إقالة العميد وفيق شقير بعد التحقيق في الاتهامات التي وجهها النائب وليد جنبلاط ضد حزب الله بشأن مراقبة مطار بيروت باستخدام كاميرات خاصة.
تداعيات قرار حكومة السنيورة
أدى صدور القرارين إلى تصاعد التوترات السياسية والعسكرية، حيث رفض حزب الله القرارات واعتبرها إعلان حرب على المقاومة، مؤكداً أن شبكة الاتصالات هي جزء لا يتجزأ من سلاحه ووسيلة لحمايته، في المقابل هددت المعارضة باتخاذ خطوات مقابلة قد تدفع البلاد إلى فوضى واسعة النطاق.
وجاء القراران في ظل أزمة ثقة بين الحكومة والمعارضة، مع اتهامات متبادلة بإنشاء "ميليشيات مسلحة" تحت غطاء شركات أمن خاصة، ما زاد من حدة الاحتقان السياسي.
ليبلغ حزب الله الجهات المعنية أن أي محاولة لتفكيك شبكة الاتصالات ستواجه بمقاومة شرسة، واعتبر نائب الأمين العام نعيم قاسم حينئذ أن استهداف الشبكة هو بمثابة استهداف للسلاح، مشدداً على أن ذلك يهدف إلى منع المقاومة من القتال ضد إسرائيل.
أما أمين عام الحزب حسن نصر الله فاعتبر تفكيك الشبكة "إعلان حرب" على المقاومة، فيما وصف رئيس مجلس النواب نبيه بري قرار إقالة العميد شقير بأنه تجاوز "الخطوط الحمر"، محذراً من العواقب الوخيمة لهذا القرار.
كما اتعبرت المعارضة أن الحكومة بقيادة فؤاد السنيورة اتخذت موقفاً غير مسبوقاً، بتصنيف إجراءات المقاومة الأمنية كاعتداء على أمن الدولة، ورفعت بذلك "سقف المواجهة السياسية" عبر إقالة قائد أمن المطار، مما دفع قوى المعارضة إلى التحذير من ردود فعل قد تضع البلاد أمام أزمات خطيرة.